مقال

الدكروري يكتب عن المفاهيم التربوية المستوردة

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن المفاهيم التربوية المستوردة

بقلم / محمـــد الدكـــروري

إن من موجبات الثبات على الحق والهدى مجالسة أهل الإيمان والتقوى، وكما إن من أسباب الثبات على الدين هو ما قرره علماء الأئمة المهتدون بهدى الكتاب والسنة من وجوب هجر أهل البدع ومقاطعتهم فإن مجالستهم تمرض القلوب، فيا أيها الشاب المسلم، إن في شبابك حيوية وقوة شبابية، ترى نفسك وأنت ممتع بسمعك وبصرك وسائر قوتك، يمر بك ذو الشيبة من المسلمين فما ترعى له حقه، لا تسلم عليه أحيانا، ولا تقدر له قدره، وربما ضايقته في الطريق، وربما سخرت منه، وربما استهزأت به، وربما عبته، وربما قلت عليه كذا وكذا، ولئن كنت ممتعا الآن بقوتك، فتذكر بعد سنين وقد ضعفت تلك القوة، وعُدت إلى ضعفك القديم، ولئن كان هذا المار بك شيبة قد أمضى سنين عديدة، فاعلم أنك بمضي السنين ستكون حالك مثل حاله، إذن فأكرم ذا الشيبة، واعرف له قيمته ومكانته، وإياك أن تستطيل عليه بلسانك احتقارا له وسخرية به.

 

وإياك أن تترفع عليه لكونك ذا علم وفقه وثقافة، فترى ذا الشيبة أقل شأنا من ذلك بل تزدريه وتحتقره لعلمك وحيويتك، ولكبره وقد يكون لجهله، وإياك أن يغرك جاهك، أو يخدعك منصبك، أو يغرك كثرة مالك، فارفق بمن هو أكبر منك سنا، ليدل على الأدب الرفيع في نفسك، وإن المزرعة الأولى لبناء القيم الإسلامية هى أسرة يقودها أبوان صالحان، فيتعلم الولد في البيت والمدرسة القيم الإسلامية ويمتثلها، فيمارس الفضيلة وينأى بنفسه عن الرذيلة، وإن عملية بناء القيم عملية دائمة مستمرة لا تتوقف، وهي أساس التربية في البيت والمدرسة والأسواق وكافة نواحى الحياة، وكما يجب التحذير من المفاهيم التربوية المستوردة التي تتعارض مع قيم الإسلام ولا سيما في ظل العولمة، وكذلك إزالة كل ما يخدش الحياء ويحطم القيم، وكما نطالب المجتمع بكل أفراده وجميع مؤسساته العامة والخاصة أن يتعاونوا في نشر القيم وتثبيتها في النفوس.

 

ثم متابعتها حتى تصبح جزءا أصيلا في سلوك الناس وتعاملهم، وكذلك فإن غرس القيم بالقدوة والسلوك أكبر أثرا وأعظم استجابة وأسرع قبولا، ومن أجل ذلك قدم رب العزة وحيه، وجعل الدعوة على أيدي الرسل ليكونوا قدوة لأممهم، فقال سبحانه وتعالى فى سورة النساء ” رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل” فالحمد لله الذي خلق الخلق إظهارا لقدرته، وجعل الثواب اظهارا لإحسانه، والعفو عنوانا لرحمته، والحمد الله الذي خلق الإنسان، وعلمه البيان، وجعل له السمع والبصر والجنان سبحانه أمر بالعدل والإحسان ونهى عن الظلم والطغيان، فلقد خلق الله تعالى الإنسان من جسم وروح، وجعل سبحانه وتعالى من المظاهر الخاصة للجسم المادي النمو والحركة، والقوة والضعف، كما جعل التفكير والعلم والإرادة والحب والبفض والطمأنينة والإيمان من المظاهر الخاصة للروح.

 

وسخر الله عز وجل للإنسان كل ما يحتاجه ليعتني بقيمه المادية والروحية على السواء، حيث سخر له الوسائل لتحقيق حاجاته المادية من مطعم ومشرب وملبس، وكما أرشده إلى السبل التي يغذي بها روحه، فلا تستقيم حياة الإنسان إلا إذا تحققت لديه التوازن بين القيم المادية والروحية، وإن الإنسان اليوم في حاجة ملحة إلى تحقيق التوازن وانتهاج منهج الإعتدال في كل مظهر من مظاهر القيم المادية والروحية، وقال الله تعالى فى سورة القصص “وابتغى فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنسى نصيبك من الدنيا واحسن كما احسن الله إليك ولا تبغى الفساد فى الأرض، إن الله لا يحب المفسدين” فمتى طغت القيم المادية على القيم الروحية، تحولت الحياة إلى عبث، والعبثية تؤدي إلى شقاء، ومآسى في المجتمع، فقال الله تعالى فى سورة الشورى ” من كان يريد حرث الآخرة نزد له فى حرثه ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها وما له فى الآخرة من نصيب”

 

وإنه تهذب القيم الروحية نفس الإنسان، دون أن تهمل متطلبات جسده، وهي تؤثر إيجابيا في سلوك الفرد والجماعة، وقد أكد القرآن الكريم في آيات كثيرة على الجانب الروحي للإنسان، وترجمه النبي صلى الله عليه وسلم عمليا إلى مجموعة من الأخلاق، والفضائل والعبادات، وإن المتأمل في واقعنا الراهن يدرك حق الإدراك ما تفعله المادية السلبية بعالمنا، فتأملوا معي كيف أصبح الإنسان سفاكا، ومساهما في تدمير أخيه الإنسان، وعلى الرغم من محاولة ظهوره في صورة الإنسان المتحضر، لم يستطع التخلي عن تفكيره المتوحش، ولا يزال الإنسان في عصرنا الحاضر يتفنن في استعمال عدوانيته للحصول على يريد، وإشباع غرائزه، وهذا ما كان سائدا في القرون الغابرة، فقال تعالى فى سورة المائدة ” فطوعت له نفسه قتل أخيه فقتله فأصبح من الخاسرين”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى