مقال

الدكروري يكتب عن ظلمات الجاهلية ونور الإسلام

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن ظلمات الجاهلية ونور الإسلام

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

لقد كان الأساس الأول في الرسالة الإسلامية هو توثيق الصلة بالله تعالي، لأن أي مجتمع لا يكون متصلا بالله لا يكتب له النصر ولا النجاح، ولأن الاتصال بالله يعزز أهل الحق وينصرهم نصر عزيز مقتدر وتمثل توثيق الصلة بالله ببناء المسجد النبوي الشريف الذي كان أول عمل قام به رسول الله صلي الله عليه وسلم في المدينة وشارك بنفسه في بناء المسجد النبوي، وعن ابن عباس رضى الله عنهما قال أن ضمادا قدم مكة، فقيل لضماد إن رسول الله صلى الله عليه وسلم مجنون أو دخل فيه جن، أو مصاب بمرض، وكان هذا الرجل طبيبا يداوي الناس من الأمراض، فقال لعل الله يشفيه على يدي، فلما جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الكلمات الجامعات” إن الحمد لله نحمده ونستعينه، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك، وأن محمدا عبده ورسوله، أما بعد.

 

فقال ضماد أعد كلماتك هؤلاء، فأعادهن عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات، فقال لقد سمعت قول الكهنة، وقول السحرة، وقول الشعراء، فما سمعت مثل كلماتك هؤلاء، ولقد بلغن ناعوس البحر، يعني وسط البحر وعمق البحر من شدة تأثيرهن، فقال هات يدك أبايعك، فبايعه، ثم قال له صلى الله عليه وسلم وعلى قومك، قال وعلى قومي، يذهب إليهم داعية إلى الله، فلقد تأثر هذا الصحابي من أي شيء؟ من أي شيء تأثر؟ ما هي الكلمات التي نقلته من ظلمات الجاهلية إلى نور الإسلامية؟ إنها كلمات جامعات، لكنها وجدت في قلبه مكانا فتأثر لها، فدخل في دين الله، واعتنق الإسلام بعد الكفر، وأما عن عتاة اليوم من الكفرة والمرتدين المتسمين بالإسلام، الذين يتسمون بالإسلام، هل لو عرضت عليهم مثل هذه الكلمات، يا ترى هل سيستجيبون ويتأثرون أدنى تأثر؟ وعند سماع المواعظ.

 

كانت نفوس صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت ترق رقة عجيبة لكلمات يسمعونها من رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر مثلا فعن أنس بن مالك رضى الله عنه قال خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبة، ما سمعت مثلها قط، قال لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا، لو تعلمون ما أعلم من عذاب الله وتفاصيل العذاب، كيف يعذب أهل النار، وكيف يحرقون، لو تعلمون ما أعلم من أهوال المحشر، ومن شدة الحساب، لو تعلمون ما أعلم من عظمة الصراط، وشدة المشي عليه، والكلاليب التي تتخطف الناس، فيهوون في جهنم، لو تعلمون ما أعلم يقول صلى الله عليه وسلم لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا، والرسول صلى الله عليه وسلم رأى بعينه، أراه الله جهنم بعينه، رأى بعينه، ما اطلع على هذا من الصحابة أحد، فقال لهم هذه الكلمات التي يعبر بها عما رآه.

 

لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا، ماذا فعل الصحابة؟ هل قالوا ما دمنا لم نر ما رآه صلى الله عليه وسلم فلماذا نتأثر كما تأثر؟ لا، هذه الكلمة دفعتهم إلى التأثر حالا، فقال أنس بن مالك رضى الله عنه، فغطى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وجوههم لهم خنين، ذلك الأزيز، هو الصوت الذي يرتفع من الصدر بالبكاء، لهذه الكلمة التي أخبرهم بها، وعندما نسمع المواعظ اليوم هل نتأثر لها كما كان صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم يتأثرون؟ هل نغطي وجوهنا كما غطى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وجوههم؟ هل تنخنق العبرات، وتذرف الدموع، وتخرج الأصوات كالأزيز يغلي به المرجل من الصدور للتأثر من هذه المواعظ، لقد تبلدت إحساساتنا والله، إن على قلوبنا غلافا سميكا لا تنفذ من خلاله آيات الله وأحاديث رسوله صلى الله عليه وسلم في المواعظ، يجب أن نرقق هذه القلوب أيها الإخوة بشتى أنواع المرققات.

 

حتى نصل إلى الدرجة التي إذا سمعنا فيها المواعظ تأثرنا، وكان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سمع أحدهم دعاء طيبا ولو على ميت، ولو لميت تأثر به، فقد صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على جنازة، فحفظت من دعائه فيقول الراوى فحفظت من دعائه وهو صلى الله عليه وسلم يقول” اللهم اغفر له وارحمه وعافه واعف عنه، وأكرم نزله، وأوسع مدخله، وأغسله بالماء والثلج والبرد، ونقه من الخطايا كما نقيت الثوب الأبيض من الدنس، وأبدله دارا خيرا من داره وأهلا خيرا من أهله، وزوجا خيرا من زوجه، وأدخله الجنة، وأعذه من عذاب القبر، أو من عذاب النار”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى