مقال

الدكروري يكتب عن عندما تموت حملة العرش

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن عندما تموت حملة العرش

بقلم/ محمـــد الدكـــروري

 

إنه عندما يقول الله سبحانه وتعالي ليمت حملة العرش، فيموتون، فيأتي ملك الموت، فيقول الله عز وجل له من بقي؟ فيقول يا رب بقي إسرافيل الذي ينفخ الصور، والصور هو البوق، فيأمر الله الصور فينتقل من إسرافيل، ويقول ليمت إسرافيل، فيموت إسرافيل، ويبقى ملك الموت، فيأتي ملك الموت إلى ملك الملوك، فيقول الملك لملك الموت يا ملك الموت من بقي من خلقي؟ فيقول يارب بقيت أنت الحي الذي لا تموت، وبقي عبدك الذليل الضعيف الماثل بين يديك، فيقول الله جل وعلا لملك الموت يا ملك الموت أنت خلق من خلقي، وخلقت لما ترى، فمت يا ملك الموت، فيموت ملك الموت، فمات الجميع، مات جبريل وإسرافيل وميكائيل وملك الموت وحملة العرش، إذن من الباقي؟ وهنا يقبض الله تعالي الدنيا.

 

ويبسطها ثلاث مرات، ويهتف بصوته ويجيب، فما من سائل يومها ولا مجيب إلا الله، فينادي ويهتف بصوته ويقول أنا الجبار، أنا الجبار، أنا الجبار ” لمن الملك اليوم” ثلاث مرات؟ فلا يجيبه أحد لأنه لا أحد، فيقول بذاته بلغة العظمة والكبرياء الملك اليوم لله الواحد القهار، كان آخرا كما كان أولا، أول بلا ابتداء وآخر بلا انتهاء، هو الأول، وهو الآخر، وهو الظاهر، وهو الباطن، وهو بكل شيء عليم، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلي الله عليه وسلم “لو يعلم المؤمن ما عند الله تعالي من العقوبة ما طمع بجنته أحد ولو يعلم الكافر ما عند الله من الرحمة ما قنط من رحمته أحد” رواه مسلم، وهكذا ينبغي للإنسان أن يذكر نفسه وغيره فيخوف ويرجي ويكون الخوف في الصحة أغلب عليه منه في المرض.

 

وجاء في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج على الصحابة وهم يضحكون فقال “أتضحكون وبين أيديكم الجنة والنار فشق ذلك عليهم، فنزلت الآية الكريمه ” نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم وأن عذابي هو العذاب الأليم” وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال اطلع علينا النبي صلى الله عليه وسلم من الباب الذي يدخل منه بنو شيبة ونحن نضحك فقال مالكم تضحكون لا أراكم تضحكون ثم أدبر حتى إذا كان عند الحجر رجع القهقرى فقال لنا إني لما خرجت جاءني جبريل فقال يا محمد لم تقنط عبادي من رحمتي نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم وأن عذابي هو العذاب الأليم، فالقنوط إياس والرجاء إهمال وخير الأمور أوساطها، وهكذا يعيش الإنسان في هذه الحياة ما كَتب الله تعالي له من الأعوام والشهور والأيام.

 

ثم يرتحل، حيث يقول الله تعالى كما جاء في سورة الأعراف ” فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون” وقال سبحانه وتعالي في سورة آل عمران ” كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيامة فمن زحزح عن النار وادخل الجنة فقد فاز وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور” فالموت حتم لازم لكل أحد، قال الله عز وجل كما جاء في سورة الرحمن ” كل من عليها فان ويبقي وجه ربك ذو الجلال والإكرام” والموت مصيبة، حيث قال الله جل جلاله ” فأصابتكم مصيبة الموت” وأعظم منه الغفلة عنه، فقال الإمام القرطبي رحمه الله قال علماؤنا وأعظم منه الغفلة عنه، والإعراض عن ذكره، وقلة التفكر فيه، وترك العمل له، وإن من أعظمِ ما ينبغي أن يحرص عليه المسلم هو ختام حياته وحسن لقاء ربه.

 

فمن وفقه الله للعمل الصالح في آخر عمره، وفي آخر ساعة من الأجل، فقد كتب الله له حُسن الخاتمة، ومن ختمت ساعة أجله بعمل سيّء أو ذنب يُغضب الله عز وجل، فقد خُتم له بخاتمة سُوء والعياذ بالله، وقد أمرنا الله تعالي بالحرص علي نيل الخاتمة الحسنة فقال تعالي كما جاء في سورة آل عمران ” يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون” كما أنه سبحانه وتعالي رغب وحث في كتابه الكريم علي حسن الإستعداد للقائة سبحانه وتعالي بالعمل الصالح فقال كما جاء في سورة الكهف ” فمن كان يرجوا لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا” وإن لأهمية هذه اللحظة الحاسمة في حياة الإنسان كان الأنبياء عليهم الصلاة والسلام يوصون من يلونهم بالحرص على نيل حُسن الخاتمة.

 

فقال سبحانه وتعالي كما جاء في سورة البقرة “ووصي بها إبراهيم بنية ويعقوب يا بني إن الله اصطفي لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون” وقال تعالى في كتابة العزيز عن قول يوسف عليه السلام ” توفني مسلما وألحقني بالصالحين”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى