مقال

الدكروري يكتب عن السنة النبوية القولية

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن السنة النبوية القولية

بقلم / محمـــد الدكــــروري

 

إن الأصل في حكم السنة القولية هو الوجوب، لأن الأصل في الأوامر هو الوجوب، والأصل في النواهي هو التحريم، ما لم يرد ما يدل على خلاف ذلك، وهذا هو المعتمد عند أهل العلم، وهناك السنة الفعلية، وهي ما صدر عن النبي صلى الله عليه وسلم، من أفعال في كل أحواله، والتي نقلها لنا الصحابة، مثل كيفية أداء الصلاة، وكيفية وضوءه، وأدائه لمناسك الحج، وما إلى ذلك، وهي عادة أقل في قوة التشريع من السنة القولية، فليس كل أفعال النبي صلى الله عليه وسلم، هى سنة يجب اتباعها، إلا فيما تعلق بالأفعال المتعلقة بالتشريع، ولهذا انقسمت أفعاله إلى ثلاثة أقسام، وهى ما صدر عنه صلى الله عليه وسلم، من أفعال خاصة به، وهذه ليس لغيره من الأمة اتباعها.

 

وذلك كوصاله الصيام في شهر رمضان، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم، يصوم اليومين وأكثر من غير أن يأكل بينهما، وهو في نفس الوقت ينهى أصحابه عن ذلك لاختلاف حاله غيره من الأمة، وكتزوجه صلى الله عليه وسلم، بأكثر من أربع نساء، وكتهجده بالليل، حيث كان التهجد بالنسبة إليه صلى الله عليه وسلم، يعد واجبا، كما يدل على ذلك القرآن الكريم كما جاء فى سورة الزمر ” يا أيها المزمل، قم الليل إلا قليلا، نصفه أو انقص منه قليلا، أو زد عليه ورتل القرآن ترتيلا، إنا سنلقى عليك قولا ثقيلا ” وكذلك ما صدر عن النبي صلى الله عليه وسلم، بحكم بشريته كالأكل والشرب والنوم، وما إلى ذلك، فهذا النوع من الأفعال.

 

وإن كان لا يعد تشريعا ولا يجب التأسي به، إلا أنه وُجد من الصحابة مَن كان يقتفي أثره في ذلك محبة فيه، وحرصا على اتباعه، كعبد الله بن عمر رضى الله عنهما، وكذلك ما صدر عنه صلى الله عليه وسلم، وقصد به التشريع والاتباع، وهو نوعان، أفعال وردت بيانا لمجمل ما جاء في القرآن، فمثلا فما صدر عنه من أفعال خاصة بالصلاة كانت بيانا كما جاء من قول الله عز وجل في القرآن وقال النبي ” صلوا كما رأيتموني أصلي” وما صدر عنه من أفعال خاصة بمناسك الحج كانت بيانا وما إلى ذلك من الأفعال التي تحمل الصبغة التشريعية، وأن هناك أفعال فعلها النبي صلى الله عليه وسلم، ابتداء، فعلى الأمة متابعته فيها، والتأسي به.

 

وهذا إذا علمت صفته الشرعية، مثال ذلك قول عمر بن الخطاب رضى الله عنه، حينما كان يقبل الحجر الأسود في طوافه “إني أعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت رسول الله يقبلك ما قبلتك” وأيضا فإن هناك سنة تقريرية وهي كل ما أقره النبي صلى الله عليه وسلم، مما صدر عن بعض أصحابه من أقوال وأفعال، بسكوت منه وعدم إنكار، أو بموافقته وإظهار استحسانه وتأييده، ومثالها ما رواه أبو سعيد الخدري قال “خرج رجلان في سفر وليس معهما ماء، فحضرت الصلاة فتيمما صعيدا طيبا، فصليا، ثم وجدا الماء في الوقت، فأعاد أحدهما الصلاة والوضوء، ولم يُعد الآخر، ثم أتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرا ذلك له.

 

فقال صلى الله عليه وسلم، للذي لم يعد “أصبت السنة” وقال للآخر “لك الأجر مرتين ” وكانت هناك سنة وصفية، وهي تشمل نوعين، الصفات الخُلقية وهي ما جبله الله عليه من الأخلاق الحميدة وما فطره عليه من الشمائل العالية المجيدة وما حباه به من الشيم النبيلة، ومثالها ما رواه البخاري عن أنس بن مالك قال ” لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم سبَّابا ولا فحَّاشا ولا لعَّانا” والصفات الخَلقية وتشمل هيأته التي خلقه الله عليها وأوصافه الجسمية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى