مقال

الدكروري يكتب عن وضع الميزان ونطقت الألسن

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن وضع الميزان ونطقت الألسن

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

إذا جمع الله تعالى الأولين والآخرين ووضع الميزان ونطقت الألسن وتكلمت الجوارح ودنت الشمس من الرؤوس بمقدار ميل، وخاض الناس بعرقهم كل على حسب عمله، وجاء المقتول آخذا رأسه بيد، والقاتل بيد أخرى، وهو يقول لربنا عز وجل يا رب سله لم قتلني؟ فما أنت قائل لربك يوم القيامة أيها القاتل؟ وكذلك فأحرص الناس على حياة دون إيمان، يسألون الله الدنيا دون الآخرة، بطرين عند النعم، قنطين عند النقَم، يعبدون الله على حرف، ويقطعون ما أمر الله به أن يُوصل ويفسدون في الأرض ولا يصلحون، ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا، وعالمهم لا يعمل بعلمه، وجاهلهم يقول على الله بلا علم، ويعبد الله على ضلال، ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس، ومكَروا بهذا الدين مكرا كبارا.

 

ولا يعرفون للحق إلا العداء، وهم للباطل أعوان وأصدقاء، وما عانت المجتمعات من المحن وانتشرت فيها الإحن وتتابعت عليها الفتن إلا يوم ضاع الحياء، فارتكبت المحرمات وفعلت الرذيلة وأقصيت الفضيلة بدعوى الحضارة والتمدن، وهل ضيعت الصلاة وعطلت أحكام الدين إلا يوم قل الحياء من الله وابتعد الناس عن الدين؟ وهل تساهل الناس بصلاة الجماعة إلا يوم قل الحياء، فقال صلى الله عليه وسلم “من سمع النداء فلم يجبه فلا صلاة له إلا من عذر ” وهل وقع في المعصية ما وقع إلا يوم قل حياؤه من الله فاستهان به سبحانه حتى جعله أهون الناظرين إليه، وهل ظهر الاختلاط بين الرجال والنساء، وانتشرت المعاكسات وعم الفساد، إلا حين كسرت المرأة حجابها ودفقت ماء حيائها وضاع من وجهها العفاف.

 

وخرجت إلى المنتزهات وتسكعت في الأسواق والطرقات، وأغرت ضعاف النفوس وعديمي الحياء والمروءة وأدمت قلوبهم فوقعوا في الجرائم والفواحش، وهل فقدت الغيرة من الرجال فسمحوا لنسائهم من مشاهدة الأفلام الماجنة والمسلسلات الخليعة والوقوع في المحرمات من اختلاط بالخدم والباعة والخروج مع السائقين والسفلة إلا حين ضاع منهم الحياء وفشا فيهم ذهاب الغيرة، فالحياء خلق من أخلاق العظماء، وهو خلق الإسلام الأول، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” إن لكل دين خُلقا، وخُلق الإسلام الحياء” والحياء خُلق يبعث على ترك القبيح، وعدم التقصير في حق الله، ومراقبته، وهو أن تخجل النفس من فعل كل ما يعيبها وينقص من قدرها ومروءتها، وهو من الأخلاق الرفيعة.

 

التي أمر بها الإسلام، وأقرها، ورغب فيها ، وإذا كان الأمر كذلك وجب على كل مسلم أن يتخلق بهذا الخُلق في سائر حياته، فالحياء في النعمة شكر لله عليها، فإن الاستخلاف يقتضي التسخير، لأن الإنسان لا يستطيع أن يقوم بمهمته في الأرض دون أن تسخر له كل الإمكانات، وقد يسر له الله سبحانه وتعالى ذلك بتسخير عاملة المخلوقات والكائنات في الأرض للإنسان، فقال تعالى كما جاء فى سورة الملك ” ألم تروا أن الله سخر لكم ما فى السموات وما فى الأرض وأسبغ عليكم نعمة ظاهرة وباطنة ومن الناس من يجادل فى الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير ” وقال تعالى أيضا فى سورة الملك ” هو الذى جعل لكم الأرض ذلولا فامشوا فى مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور ”

 

وإن هذا التسخير يقتض من الإنسان حسن التعامل مع المسخرات، بحيث يحسن استخدامها فيما يرضي الله عز وجل، وفقا للأحكام التي شرعها في التعامل مع المخلوقات والكائنات والطبيعة، وحين انحرف الإنسان عن الالتزام، خالف مهمة التسخير، وهذا ما نجده في سوء الاستخدام للموارد الطبيعية، وللتعامل مع الكائنات المختلفة، فقد اختلت الموازين، وانتشرت ظواهر تهدد حياة الإنسان ذاته كالظواهر الطبيعية مثل الاحتباس الحرارى والتغير البيئى وظهور أمراض في الحيوانات والطيور وقد حذر الله سبحانه وتعالى من ذلك بقوله تعالى كما جاء فى سورة الروم ” ظهر الفساد فى البر والبحر بما كسبت أيدى الناس ليذيقهم بعض الذى عملوا لعلهم يرجعون “

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى