مقال

الدكروري يكتب عن وإذ أخذ ربك من بنى آدم

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن وإذ أخذ ربك من بنى آدم

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

إن الميثاق هو ما أخذه الله على عباده، حين أخرجهم من صلب آدم في عالم الذر المذكور في قوله سبحانه ” وإذ أخذ ربك من بنى آدم” وقال سبحانه وتعالى فى سورة الفتح ” إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم فمن نكث فإنما ينكث على نفسه ومن أوفى بما عاهد عليه الله فسيؤتيه أجرا عظيما” ويقول الله تعالى فى سورة المائدة ” يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود أحلت لكم بهيمة الأنعام إلا ما يتلى عليكم غير محلى الصيد وأنتم حرم إن الله يحكم ما يريد” وقال السعدي “هذا أمر من الله تعالى لعباده المؤمنين بما يقتضيه الإيمان بالوفاء بالعقود، أي بإكمالها، وإتمامها، وعدم نقضها ونقصها، وهذا شامل للعقود التي بين العبد وبين ربه.

 

من التزام عبوديته، والقيام بها أتم قيام، وعدم الانتقاص من حقوقها شيئا، والتي بينه وبين الرسول صلى الله عليه وسلم بطاعته واتباعه، والتي بينه وبين الوالدين والأقارب، ببرهم وصلتهم، وعدم قطيعتهم، والتي بينه وبين أصحابه من القيام بحقوق الصحبة في الغنى والفقر، واليسر والعسر، والتي بينه وبين الخلق من عقود المعاملات، كالبيع والإجارة، ونحوهما، وعقود التبرعات كالهبة ونحوها، بل والقيام بحقوق المسلمين التي عقدها الله بينهم في قوله تعالى ” إنما المؤمنون أخوة” بالتناصر على الحق، والتعاون عليه والتآلف بين المسلمين وعدم التقاطع، فهذا الأمر شامل لأصول الدين وفروعه، فكلها داخلة في العقود التي أمر الله بالقيام بها.

 

وقد سئل أحد العرب، بأي شيء يعرف وفاء الرجل دون تجربة واختبار، قال بحنينه إلى أوطانه، وتلهفه على ما مضى من زمانه، ويقول القلب الصادق أنا أحبك إذن أنا مستعد لفعل أي شيء من أجلك، وإن الصبر لله غناء، والصبر بالله بقاء، والصبر مع الله وفاء، والصبر عن الله جفاء، وإن المرأة لا تهزأ من الحب، ولا تسخر من الوفاء إلا بعد أن يخيب الرجل آمالها، وقيل حبك لي حب افتراضي، وفاؤك لي وفاء افتراضي، وحده موتي الافتراضي حقيقي كالتنفس، وإن الإيثار كلمة رديئة في زمن المصالح، وغيابها غياب للوفاء، وهذا ما أخشاه الآن، فإن المدينة العظمى هي التي يسود فيها العلم والحرية والإخاء والوفاء.

 

وعن إسماعيل بن إبراهيم بن عبد الله بن أبي ربيعة عن أبيه عن جده قال استقرض مني النبي صلى الله عليه وسلم أربعين ألفا، فجاءه مال فدفعه إلي، وقال “بارك الله لك في أهلك ومالك، إنما جزاء السلف الحمد والأداء” وقال الأحنف “لا صديق لملول، ولا وفاء لكذوب، ولا راحة لحسود، ولا مروءة لبخيل، ولا سؤدد لسيئ الخلق” وعن الأصمعي قال “إذا أردت أن تعرف وفاء الرجل ووفاء عهده، فانظر إلى حنينه إلى أوطانه، وتشوقه إلى إخوانه، وبكائه على ما مضى من زمانه” وقال ابن مفلح كان يقال كما يتوخى للوديعة، أهل الأمانة والثقة، كذلك ينبغي أن يتوخى بالمعروف، أهل الوفاء والشكر.

 

وقال الحريري تعامل القرن الأول فيما بينهم بالدين زمانا طويلا حتى رق الدين، ثم تعامل القرن الثاني بالوفاء حتى ذهب الوفاء، ثم تعامل القرن الثالث بالمروءة حتى ذهبت المروءة، ثم تعامل القرن الرابع بالحياء حتى ذهب الحياء، ثم صار الناس يتعاملون بالرغبة والرهبة، وقال بعض الحكماء من لم يفى للإخوان، كان مغموز النسب، وقال ابن حزم إن من حميد الغرائز وكريم الشيم وفاضل الأخلاق الوفاء وإنه لمن أقوى الدلائل وأوضح البراهين على طيب الأصل وشرف العنصر، وهو يتفاضل بالتفاضل اللازم للمخلوقات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى