مقال

الدكروري يكتب عن تربية الأبناء مهمة مشتركة

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن تربية الأبناء مهمة مشتركة

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

إن ما يشاع من أن تربية الأبناء تقع على عاتق الأم فقط اعتقاد خاطئ، فالمسؤولية مشتركة بين الزوجين، وتربية الأبناء ليست مهمة الأمهات، فحضور الآباء مهم جدا في حياة أبنائهم من كافة النواحي، خاصة فيما يتعلق بتنشئتهم الاجتماعية، وأنه يغفل الكثير من الآباء عن تخصيص وقت مناسب لقضائه مع أبنائهم وينشغلوا بأهميته جلب المال إلى الأهل والأبناء، ولكن هناك دور مهم يجب الحفاظ عليه وهو الإسهام في التنشئة النفسية والعاطفية للصغار، مما يجعلهم أكثر قدرة على النجاح والإبداع في حياتهم الشخصية والعملية، فيا أيها الآباء اتقوا الله في أبنائكم، وربوهم على حب الله وخوفه ورجاء ما عنده، ربوهم على منهج الله.

 

وعودوهم على الطاعة، وعلموهم العبادة، ربوهم على أن يعيشوا في الدنيا بمنظار الآخرة، فيتزودوا من ممرهم لمقرهم، حتى تكونوا وإياهم في الجنة في شغل فاكهين، وعلى الأرائك تنظرون، ولم يكن اهتمام الإسلام منصبا على حشو الأدمغة بالمعلومات والمعارف الإنسانية أو الدينية بقدر ما كان يهتم بتأديب المتلقي وتربيته على المبادئ التي تحملها تلك المعلومات بل والتماهي والتمازج بين المبادئ العقلية والشخصية الإنسانية حتى تصيرا شيئا واحدا، لذلك كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم لا يتجاوزون حفظ عشر آيات حتى يتعلموا ما فيهن من العلم ويعملوا بما فيها، فيتعلمون القرآن والتقوى معا، وتزداد قلوبهم إيمانا مع إيمانهم.

 

وتتعمق في نفوسهم المعاني التربوية العظيمة التى قد لا يحويها كتاب ولكن يحويها قلب امرئ مسلم، ويحسب بعض الآباء أن مسؤولية تربية الطفل تقع على الأم فقط، ولا يطلب منه سـوى تأمين الحاجات المادية لأطفاله وزوجته، فتجده يقضى معظم وقته خارج المنزل في العمل، أو مع الأصدقاء، حتى إذا عاد إلى منزله جلس وحده فى غرفته، محذرا زوجته من أن تسمح للأطفال بتعكير صفو تأملاته وأحلامه وهو نائم، وإن الرؤية الإسلامية لا تقدم مسؤولية أى من الرجل أو المرأة في الأسرة على الآخر، فمشاركة الأب والأم فى التنشئة الاجتماعية والسياسية للطفل هي مشاركة واجبة ولازمة، إذ لا يغنى أحدهما عن الآخر، وهما يشكلان معا.

 

بالإضافة للأبناء، هيكل السلطة فى الأسرة من خلال مسؤوليات كل طرف، ولا يكتمل الهيكل أو البناء إذا تخلى أحد الأطراف عن واجباته، فالرعاية مسؤولية الوالدين معا، وكلاهما مسؤول عن رعيته، وإن من أهم وسائل إصلاح النشء هو التربية بالقدوة، وهى تربية صامتة، ولكن أثرها أعظم من كل توجيه، فالطفل منذ ضعفه مفطور على محاكاة مَن هو أكبر منه، فأنت أنت صورة حية لأولادك، فانظر ماذا ترسم في شخصيتهم من خلال قولك، وسمتك، وفعلك، فإن القدوة ليست كلمات تقال، بل هي سلوك وأفعال، وإنه لشرخ فى جدار التربية، أن تنهى طفلك عن الخطأ وتأتى مثله، وعار عليك عظيم أن تنهى صفيك عن النظر للحرام.

 

ثم يراك مرسلا طرفك للحسناوات والجميلات، وإنه مَن هجر المسجد والجماعات لا ينتظر من ولده أن يكون من أهل الصلاة، ومَن هيأ لنفسِه وبنيه جو المعاصى والمحرمات، لا ينتظر من أولاده أن يكونوا من أهل التقى والعبادات، ولا تكن القيم والمثل التي تسقى للأبناء في الصباح تحرقها الأفعال فى المساء، فإن القدوة الحقة أن يرى فيك ولدك أثر توجيهك وقولك، يرى الابن خوف الله ورجاءه، وتعظيم حرماته والوقوف عند حدوده ماثلا فى حال وحياة أبيه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى