مقال

الدكروري يكتب عن المسارعة والمسابقة في الخير

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن المسارعة والمسابقة في الخير

بقلم / محمـــد الدكـــروري

إن المسارعة والمسابقة في الخير صفة من صفات المؤمنين الموحدين، وقد ذكر الله سبب استجابته لدعاء عبده ونبيه زكريا عليه السلام أنه كان يسارع في الخيرات، وكذلك فإن التفاضل في الجنة بحسب السبق والمسارعة، وكذلك فإن مقامات الناس في الآخرة مبنية على مقاماتهم في السير إلى الله تعالى في الدنيا، وإذا كان الناس يتفاوتون في طبقاتهم في الدنيا فإن تفاوتهم سيكون في الآخرة أكبر وأوضح، فقال تعالى كما جاء فى سورة الإسراء ” انظر كيف فضلنا بعضهم على بعض” يعني في الدنيا، ثم قال عن الآخرة ” وللآخرة أكبر درجات وأكبر تفضيلا” فكان الصالحون ممن قبلنا يفقهون عن الله تعالى مراده في كتابه عندما حث على المسارعة في الخيرات، ففهموا أنها مسابقة حقيقية تحتاج إلى تحفز وتشمير، كما يفعل المتسابق في الطريق. 

فإنها المسارعة في السير إلى الله تعالى، والتي تكون عاقبتها الرضا من الله تعالى، كما قال نبى الله موسى عليه السلام ” وعجلت إليك رب لترضى” ولقد سادت روح المنافسة في الخيرات بين المسلمين الأوائل، ولقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مثالا أعلى في المسارعة إلى الخير، فعن أبي سروعة عقبة بن الحارث رضى الله عنه قال “صليت وراء النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة صلاة العصر، فسلم ثم قام مسرعا، فتخطى رقاب الناس إلى بعض حُجر نسائه، ففزع الناس من سرعته، فخرج إليهم، فرأى أنهم قد عجبوا من سرعته، قال ذكرت شيئا من تبر وهو الذهب المكسور، عندنا فكرهت أن يحبسني، فأمرت بقسمته” رواه البخارى، فقد خشي النبي الكريم صلى الله عليه وسلم أن تحبسه هذه الأمانة يوم القيامة، فبادر إلى توزيعها والتصدق بها. 

وهذا أبو الدحداح الأنصاري، لما نزل قول الله تعالى فى سورة البقرة ” من ذا الذى يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثيرة” فقال للرسول صلى الله عليه وسلم وإن الله ليريد منا القرض؟ قال عليه الصلاة والسلام” نعم يا أبا الدحداح” قال أرني يدك يا رسول الله، فناوله النبي صلى الله عليه وسلم يده، فقال أبو الدحداح إني قد أقرضت ربي عز وجل حائطي، أي بستاني، وكان فيه ستمائة نخلة، وأم الدحداح فيه وعيالها، فناداها يا أم الدحداح، قالت لبيك، قال أخرجي من الحائط، يعني أخرجي من البستان فقد أقرضته ربي عز وجل، وفي رواية تقول أن امرأته لما سمعته يناديها عمدت إلى صبيانها تخرج التمر من أفواههم، وتنفض ما في أكمامهم، تريد بفعلها هذا الأجر كاملا غير منقوص من الله عز وجل، لذلك كانت النتيجة لهذه المسارعة أن قال النبي صلى الله عليه وسلم “كم من عذق رداح” أى مثمر وممتلئ في الجنة لأبي الدحداح” رواه أحمد. 

وهذا هو الصحابى الجليل أبو طلحة الأنصارى، جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله يقول الله تبارك وتعالى في كتابه كما جاء فى سورة آل عمران ” لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون” وإن أحب أموالي إليّ بيرحاء، وكانت حديقة يدخلها النبي صلى الله عليه وسلم ويستظل بها، ويشرب من مائها، فهي إلى الله عز وجل، وإلى رسوله صلى الله عليه وسلم أرجو برّها وذخرها عند الله، فضعها يا رسول الله حيث أراك الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم” بخ يا أبا طلحة، ذاك مال رابح، ذاك ما رابح، قبلناه منك، ورددناه عليك، فاجعله في الأقربين، فتصدق به أبو طلحة على ذوي رحمه” رواه البخاري ومسلم، فكانت هذه صورة مشرقة، ولوحة رائعة يزيّنها مسارعة الصحابة، ومبادرتهم إلى فعل الخيرات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى