مقال

الدكروري يكتب عن بلادة القلوب عن المواساة

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن بلادة القلوب عن المواساة

بقلم / محمـــد الدكـــروري

إن بعض الأشخاص تراودهم أفكار سلبية وغير حقيقية من شأنها أن تزيد من شعورهم بالحزن أو الذنب، على سبيل المثال أن يميل بعض الأشخاص إلى تشخيص الحوادث والمواقف، وينتج عن ذلك طاقة سلبية غير ضرورية ولا أساس لها، ومن الممكن أن تجد صديقك يقول إنه السبب في هروب كلبه، وهنا يمكنك مساعدته في إعادة توجيه هذه الأفكار، من خلال تقديم أسباب أخرى وعدم الاتفاق معه في لوم نفسه، ويمكنك مثلا قول إنك تحب كلبك وتفعل ما بوسعك للاهتمام به، ربما ضل الطريق ولم يستطع العودة مجددا إلى البيت، وقد يميل بعض الأشخاص إلى التفكير بصورة سلبية مستقبلية، كأن يقول صديقك أنا لن أعثر على كلبي وهذا غير صحيح لأنه لا يمكنه توقع ما الذي سيحدث، وهنا يمكنك قول شيء لطيف مثل أليس من الممكن أن تجده؟ 

كلي أمل أننا سنعثر عليه، وكذلك تجنب لوم الآخرين، وشجّع صديقك على التركيز على حل المشكلة، بدلا من التفكير فيما كان سيفعله الآخرين إذا واجهوا نفس المشكلة لأن هذا من الممكن له أن يزيد من غضب صديقك ويضعف من قابليته على التفكير بعقلانية وحل المشكلةن وعندما يصيب البشر الحزن الشديد، يصعب عليهم أحيانا التفكير بعقلانية وإيجاد الحل لمشكلاتهم، فشجع صديقك ليتعامل مع مشاعره، فحزنه يعتبر مؤشر لوجود خطأ ما ويجب معالجة هذا الخطأ، وحينها يمكنك مساعدته بحلول محتملة والعمل على تطبيقها، كمثال إذا فقد صديقك كلبه، يمكنك قول لنبحث عن حل سويا ما الذي تريد البدء به؟ فقدم حلولا محتملة، كأن تقول لدي فكرة لنتصل بالملاجئ المحلية ونرى إن عثر شخص عليه، وهذا هو ما عناه المصطفى صلى الله عليه وسلم بقوله. “مثَل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى” رواه البخاري ومسلم، وإنه لا يمكن أن يتحقَق في الأمة معنى الجسد الواحد وهي لا تعرف المواساة، كما أنها لا يمكن أن تبلغ درجة الرفعة والتمكين والفلاح إذا كانت تفرح وبعضها يبكي بفقدان ما فرحت به، وتشبع وجارها جائع، وتروى وقريبها ظمآن، وتلبس وشريكها في الدين عار، فقد قال النبى صلى الله عليه وسلم “ليس المؤمن الذي يشبع وجاره جائع إلى جنبِه” رواه الحاكم وغيره، وإن بلادة القلوب عن المواساة محنة ماحقة يحترق في سعيرها الفضائل، ويُوأد في ترابها التواد والتعاطف، والخاسر دون شك هو مجموع الأمة أفرادا وجماعات، فالمجتمع الموجب هو من استوى على سوقه روح المواساة. 

وإلا فهو مجتمع سالب صرف ولكن ما المانع من توطين النفس وقسرها على حب الفضائل والشعور العاطفي تجاه الآخرين بسد الخلل، وستر الزلل، وقَبول العلل، ومد يد الخير لمن مد للخير يده، وإعطاء السائل، وابتداء العفيف الذي لا يسأل الناس إلحافا، وأيضا شجع صديقك على اجتياز الأزمة، وساعد صديقك على إيجاد مصادر صحية للتعايش مع المشكلات، فمهارات التأقلم طريقة للتعامل مع المشاعر والمواقف السلبية، وبهذه الطريقة يمكنه أن يعبر عن نفسه ويتعافى دون أن يلحق بنفسه أي أذى إضافي، وبعد ذلكم كله فلقائل أن يقول كيف يستطيع المسلم التفاعل بشعور المواساة، وهو لا يملك من المال ما يعينه على ذلك؟ فالجواب على هذا القيل أنه من الغلط الفاحش قصر مفهوم المواساة على الجانب المالي أو القدرة عليه فحسب بل هي شعور قلبي قبل أن يترجم إلى مال، وإحساس عاطفي قبل أن يمتد إلى الجوارح.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى