مقال

الدكروري يكتب عن فاعتبروا يا أولي الأبصار

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن فاعتبروا يا أولي الأبصار

بقلم / محمـــد الدكـــروري

إن كل ما يحدث من حولنا من إبتلاءات وفتن تدعوا للتفكر والتأمل في ملكوت الله تعالي، فلا بد لنا من الاتعاظ والاعتبار والتذكر والاستبصار لكي نستفيد من هذه الحوادث التي تحدث لنا في الليل والنهار، فاعتبروا يا أولي الأبصار واسلكوا طريق الأبرار ولا تغرنكم الدنيا بزخارفها وفتنها فإنها دار عناء وبلاء لا دار خلود وقرار، فقيل أنه قد دعا عمر بن الخطاب رضي الله عنه سعيد بن عامر الجمحي إلى مساعدته في الحكم، فقال “يا سعيد إنا مولوك على أهل حمص، فقال سعيد يا عمر ناشدتك الله ألا توليني، فغضب عمر وقال ويحكم وضعتم هذا الأمر في عنقي ثم تخليتم عني والله لا أدعك” ثم ولاه على حمص ثم مضى إلى حمص، وما هو إلا قليل الزمن حتى وفد على أمير المؤمنين بعض من يثق بهم من أهل حمص. 

فقال لهم “اكتبوا لي أسماء فقرائكم حتى أسد حاجتهم، فرفعوا كتابا فإذا فيه فلان وفلان وسعيد بن عامر، فقال ومن سعيد بن عامر؟ فقالوا أميرنا قال أميركم فقير؟ قالوا نعم ووالله إنه ليمر عليه الأيام الطوال ولا يوقد في بيته نار، فبكى عمر حتى بللت دموعه لحيته” ولم يمض على ذلك طويل وقت حتى أتى عمر ابن الخطاب رضي الله عنه الى ديار الشام يتفقد أحوالها، فلما نزل بحمص لقيه أهلها للسلام عليه، فقال “كيف وجدتم أميركم؟ قالوا نعم الأمير يا عمر، إلا أنهم شكوا إليه ثلاثا من أفعاله، كل واحد منها أعظم من الأخرى، قال عمر اللهم لا تخيب ظني فيه وجمعهم به، ثم قال ما تشكون من أميركم؟ قالوا لا يخرج إلينا حتى يذهب نصف النهار، فقال عمر وما تقول في ذلك يا سعيد؟ فسكت قليلا. 

ثم قال والله إني كنت أكره أن أقول ذلك، أما وإنه لا بد منه، فإنه ليس لأهلي خادم، فأقوم في كل صباح فأعجن لهم عجينهم، ثم أتريث قليلا حتى يختمر، ثم أخبزه لهم، ثم أتوضأ وأخرج للناس، قال عمر وما تشكون منه أيضا؟ قالوا إنه لا يجيب أحدا بليل، قال عمر وما تقول في ذلك يا سعيد؟ قال إني والله كنت أكره أن أعلن هذا أيضا، فأني قد جعلت النهار لهم ولربي لله الليل، ثم قال عمر وما تشكون منه أيضا؟ قالوا تصيبه من حين إلى آخر غشية فيغيب عمن في مجلسه، قال عمر وما هذا يا سعيد؟ فقال شهدت مصرع خبيب بن عدي وأنا مشرك، ورأيت قريش تقطع جسده وهي تقول أتحب أن يكون محمد مكانك؟ فيقول والله ما أحب أن أكون آمنا في أهلي وولدي، وأن محمدا تشوكه شوكة. 

وإني والله ما ذكرت ذلك اليوم وكيف أني تركت نصرته إلا ظننت أن الله لا يغفر لي، وأصابتني تلك الغشية عند ذلك قال عمر الحمد لله الذي لم يخيب ظني فيك” فهذا هو العمل وهكذا يكون تحمل المسئولية، وهكذا تؤدى الأمانات وهكذا تغتنم الأوقات، ولنعلم جميعا إن من الأمانة في حق الرسول صلي الله عليه وسلم هو محبته صلى الله عليه وسلم، محبة تقتضي امتثال أوامره والبعدَ عن نواهيه، وتصديق أخباره وتعظيمه وتوقيره، والقيام بحقوقه عليه الصلاة والسلام والبعد عن الغلو فيه صلى الله عليه وسلم، فكل ذلك أمانة، وهي أمانة علينا تجاه الرسول الكريم محمد صلي الله عليه وسلم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى