مقال

بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية ( ١٨ ديسمبر)

جريدة الاضواء

بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية ( ١٨ ديسمبر)

سيقول لك كثيرون إن اللغة العربية لغة معقَّدة مقعَّرة، وإن الفصاحة فيها مشروطة بغرابة الألفاظ وتكلُّف السجع، وإن هذا موجود فيها منذ كانت حتى اليوم، وإن مَن يتحدّثون بها اليوم منعزلون عن العالَم يسخر منهم كل من يسمعهم. فاعلم يا ولدي أن اللغة العربية كلما ابتعدتَ عنها ابتعدَت عنك، وأن مَن يثير السخرية منها هو البعيد عنها، فالفصاحة العربية مشروطة بالوضوح والسلاسة والسهولة، وكان “نُقَّاد” العرب القدماء ينتقدون مَن يصعِّب ألفاظه مهما كانت روعة المعنى، فانتقدوا مَن قال “أزَجُّ زَلوجٌ هزرفيٌّ زفازِفٌ… هِزَفٌّ يبزُّ الناجيات الصوافينا”. وانتقدوا مَن يذكر كلمات متنافرةً مهما كانت روعة المعنى، فانتقدوا مَن قال: “وقبرُ حرْبٍ بمكانِ قفرٍ… وليسَ قُربَ قبرِ حربٍ قبرُ”. وكانوا يراعون أن يناسب البَوح بيئة المتكلم، وأن يناسب التوجيه بيئة المخاطَب. ستجد يا ولدي أن المحبوب من آثار العربية الآنَ، كان محبوبًا وقت كتابته، وأن المستهجَن منها الآن كان مستهجَنًا وقت كتابته.

رحم اللهُ العظيمَ الدكتور شوقي ضيف، الذي كان يتحدث مع طلابه عدة ساعات بهدوء وبساطة… ليُفاجَؤوا في نهاية الحديث بأنه لم ينطق بكلمة غير فصيحة.

رحم الله العظيم الدكتور طه حسين، الذي كان يتحدث، أينما تحدّث، فلا يتحدث إلا بالعربية الفصحى، ولا ينطق كلمة لا يفهمها مستمعه.

رحم الله العظيم أحمد شوقي، الذي كان حديثه أفصح من كثيرين من قدماء العرب ومُحدَثيهم الذين “تفيهَقوا” فأبعدوا الناس عن اللغة العربية.

رحمهم الله جميعًا وأدام عِزَّ اللغة العربية وجمالَها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى