مقال

الدكروري يكتب عن أكثم الذي نزل فيه قرآن

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن أكثم الذي نزل فيه قرآن
بقلم / محمـــد الدكـــروري

لقد ذكرت المصادر التاريخية أنه عندما بعث النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم كان في ذلك الوقت حكيم العرب أكثم بن صيفي بن رباح الأسيدي العمروي التميمي، شيخا كبيرا وقد أرسل إلى مكة وفد من قومه قبيلة بني أسيد وهي أحد قبائل بني تميم التي أشتهرت بالحكمة والشرف، وفيهم أبنه ورجلان من تميم ليأتوه بخبر النبي الجديد فلما عادو بخبر أثلج صدر أكثم بن صيفي جمع قومه وخطب فيهم يحثهم على اتباع النبي الجديد فخرج قاصد مكة وتبعه مائة من قومه، فلما كان في الطريق قبل مكة جهد أكثم من شدة العطش ونفاد الماء، وأشهد قومه أنه أسلم وأوصاهم بإتباع النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ثم توفي فأنزل الله تعالى.

” ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغما كثيرا وسعة ومن يخرج من بيته مهاجرا إلي الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره علي الله وكان الله غفورا رحيما” وإن من قصائد وشعر أكثم بن صيفي تدل على بقائه وطول عمره طويلا فهو القائل، وإن امرا عاش تسعين حجة، إلى مائة لم يسأم العيش جاهل، أتت مائتان غير عشر وفاتها ذلك من مر الليالي قلائل، وأكثم بن صيفي كان يعد أشهر حكام العرب قبل الإسلام ومن رؤساء بني تميم البارزين وصنف أنه حكيم العرب بدون منازع، فإذ أطلع المرء على حكمه التي قالها قبل زمن طويل أقر أنها تنفع في وقتنا الحاضر وتكون مثلا رائع ونهج مستقيما للحياة الصحيحة، وقد كان أكثم من أفصح لعرب لسانا، وأعلم نسبأ، وأكثرهم ضربا للأمثال والحكم.

كما وصف بالحكيم المشهور، وأنه من الخطباء البلغاء والحكام الرؤساء، ومن بعض أقواله وحكمه الكثيرة، والأمثال هي حكمة العرب قبل الإسلام وفي الإسلام، و بها كانت تعرض كلامها فتبلغ بها ما حاولت من حاجاتها في المنطق ويستدل استخدام القران الكريم للأمثال في خطابة الناس ومحاجة المشركين كما قال تعالى ” وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون” وأكثم بن صيفي هو أحد أشهر الحكماء العرب في ذكر الأمثال، وهي تبين حكمته وفطنته وعقله، التي نالت إعجاب غير العرب، حيث قال له كسرى لو لم يكن للعرب غيرك لكفى، ولقد قلل الفرس من شان العرب فبعث العرب وفد منهم على راسهم أكثم بن صيفي التميمي وهو أول من تكلم منهم فقال أمام كسرى ملك الفرس إن أفضل الأشياء أعاليها.

وأفضل الملوك أعمها نفعا، وخير الأزمنة أخصبها، وأفضل الخطباء أصدقها، والصدقة منجاة، والكذب مهواة، والشر مركب وطيء، والعجز مفتاح الفقر، وخير الأمور الصبر، وإصلاح فساد الرعية خير من إصلاح فساد الراعي، ومن فسدة بطانته كان كالغص بالماء، وشر البلاد لا أمير لها، وشر الملوك من خافه البرى، وخير الأعوان من يعمل بالنصيحة، والصمت حكم وقليل فأعله فتعجب كسرى منه وقال له ويحك يا أكثم ما أحكمك وأوثق كلامك، لو لم يكن للعرب غيرك لكفى وهكذا كان أكثم من الخطباء البلغاء الفصحاء ليس في قومه فقط، بل عند جميع العرب، وعند غيرهم من الأمم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى