مقال

الدكرورى يكتب عن حياة ابن المبارك

جريدة الأضواء

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

ذكرت كتب السيرة النبوية الشريفة الكثير عن عبد الله بن المبارك المروزي وأن ابن المبارك ولد في عهد الخليفة الأموي هشام بن عبد الملك وكانت أمه خوارزمية، فطلب العلم وهو ابن عشرين سنة فأقدم شيخ لقيه هو الربيع بن أنس الخراساني تحيل ودخل إليه إلى السجن فسمع منه نحوا من أربعين حديثا ثم ارتحل في سنة إحدى وأربعين ومائة وأخذ عن بقايا التابعين وأكثر من الترحال والتطواف وإلى أن مات في طلب العلم وفي الغزو وفي التجارة والإنفاق على الإخوان وتجهيزهم معه إلى الحج، وعاش إلى سنة مائه وواحد وثمانين من الهجره، حيث توفي في خلافة هارون الرشيد، وقد اتفقت جميع المصادر على أنه كان طلابا للعلم نادر المثال، ورحل إلى جميع الأقطار.

التي كانت معروفة بالنشاط العلمي في عصره فيه ويقول عبد الرحمن بن أبي حاتم سمعت أبي يقول كان ابن المبارك ربع الدنيا بالرحلة في طلب الحديث، لم يدع اليمن ولا مصر ولا الشام ولا الجزيرة والبصرة ولا الكوفة، وقد شهد له أحمد بن حنبل بذلك أيضا،وكان ابن المبارك يقول خصلتان من كانتا فيه نجا، الصدق، وحب أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، وقد كان ينشد العلم حيث رآه ويأخذه حيث وجده، لا يمنعه من ذلك مانع، وقد كتب عمن هو فوقه، وعمن هو مثله، وتجاوز ذلك حتى كتب العلم عمن هو أصغر منه، وقد روي أنه مات ابن له فعزاه مجوسي فقال ينبغي للعاقل أن يفعل اليوم ما يفعله الجاهل بعد أسبوع، فقال بن المبارك اكتبوا هذه، وقد بلغ به.

 

ولعه بكتابة العلم مبلغا جعل الناس يعجبون منه، فقد قيل له مرة كم تكتب؟ قال لعل الكلمة التي أنتفع بها لم أكتبها بعد، وعابه قومه على كثرة طلبه للحديث فقالوا إلى متى تسمع؟ فقال إلى الممات، وعمل على جمع أربعين حديثا وذلك تطبيقا للحديث النبوي القائل “من حفظ على أمتي أربعين حديثا من أمر دينها بعثه الله تعالى يوم القيامة في زمرة الفقهاء والعلماء” وتوفي بن المبارك في مدينة هيت بمحافظة الانبار بغرب العراق سنة مائه وواحد وثمانين هجرية وقبره معلوم وقد شيد الناس على قبره مقام وجامع مع انه رضي الله عنه ضد المقامات على القبور، وإنه من حرص على ما ينفعه اشتغل بالمرابح القيّمة، والمغانم النفيسة، وأكثر الأعمال أجرا وأحبها إلى الله.

 

ولهذا كان الصحابة يسألون عن أفضل الأعمال وأجلها، فقال رجل “يا رسول الله، ما الإسلام؟ قال أن يسلم قلبك لله” أن يسلم قلبك لله عز وجل، وأن يسلم المسلمون من لسانك ويدك، قال”فأي الإسلام أفضل؟ قال الإيمان، قال وما الإيمان؟ قال تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله والبعث بعد الموت، قال فأي الإيمان أفضل؟ قال الهجرة، قال فما الهجرة؟ قال تهجر السوء” وهكذا فإن الحرص على ما ينفع يوجه الطاقات إلى البناء، ونماء الأرض، ويُورث الحياة بركة، ويزيد العمل رسوخا، ومهما كان الإنسان حريصا على ما ينفعه فإنه لن يتحقق له هدف ولا مقصد إلا إذا أعانه الله ووفقه وسدده.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى