مقال

نحبك يا فلسطين التي حلمنا بها وطناً

نحبك يا فلسطين التي حلمنا بها وطناً

نحبك يا فلسطين التي حلمنا بها وطناً

كتب / يوسف المقوسي

 

ضع نقطة على سطر التاريخ. فلسطين انتهت الهاوية تتسع. الآلام تتعاظم. الرؤيا عمياء. لا بارقة أمل. التنظيمات قتلت فلسطين ولا تريد دفنها، ولا أحد مستعد لوراثة التركة المزمنة.

 

كان ذلك متوقعاً. شياطين التنظيمات عاثت بالتجربة الفلسطينية المتهالكة، مرة تلوة مرة، أو مراراً كثيرة. منعت عنها العافية الوطنية. لم يكن وطناً هذا الكيان. كان ملجأ مفترضاً، أضحى مغارة للصوص السياسة وفقهاء التبرير وأبالسة المال وعصابات النهب. ولا مرة كانت فلسطين وطناً، ولا مرة كان سكانه مواطنين. ولا مرة كانت تتقدم، بل كانت يتراجع دائماً، حتى بلغت ما يقارب المئة عام، وهي لقيط لتنظيمات سامة وحزبيين متمرسين بألاعيب معيبة، وعلنية، وبلا خجل .

 

حلمنا مراراً أن تصبح فلسطين دولة، وطناً، او مأوى مناسباً. فشلنا، وكان الفشل ثقيلاً… حلمنا بديموقراطية مقبولة. منعوها. عوّضوا عنها بالتوافقية النفاقية. دربونا على التعصب، وعلى التكاذب. قضوا على أفكار خلاصية، كالمدنية والحرية والمساءلة والمحاسبة والقضاء النزيه، والإنفاق المدروس، والتربية الوطنية وألف صفة من صفات المواطنة… كانوا عباقرة في الإرتكاب. انتزعوا منا كل ما هو جميل ونظيف وإنساني وإجتماعي وتقدمي ووطني. أقاموا لنا زرائب حيوانية، فتحول الكثيرون إلى قطعان حزبية هائجة كثيراً في ساحة المنازلة .

 

الغريب جداً، أنهم يعرفون ما نعرفه عنهم ولا يبالون. يعرفون رأينا فيهم علناً. يعرفون أننا نعرف نهبهم وسرقاتهم وانتماءاتهم وعقولهم الجهنمية وخياناتهم السياسية. إنهم على دين الإرتكاب، والناس خلفهم عل دين زعمائها. وزعمائنا “زعماء” كذبة. ماهرون في الكذب والتكاذب، وممثلون يجيدون الخيانة ببراءة كاذبة .

 

هذا الكيان الذي كنا فيه، أفلس تماماً. خلقياً وعقلياً ومالياً وقضائياً وصحياً وتربوياً وإنسانياً وإجتماعياً. أفلس على الملأ. ومع ذلك يتبارون في الرقص على جثة البلد… كل المحاولات الإنقاذية فشلت. عفواً. أفشلوها بذكاء شيطاني. وكلهم يعني كلهم. لا بريء أبداً في ما بينهم. عباقرة في الإرتكاب.

 

صدف أن وجد في هذه الجغرافيا الملعونة، أناس مؤمنون بالوطن. حاولوا. فشلوا. صمدوا ثم تبدّدوا. رغبوا ثم خابوا. تأملوا ثم يئسوا. أكثرية الشعب الفلسطيني مؤلفة من أقليات متنازعة. هؤلاء، لا يصنعون ثورة. يكتفون وبالإعلان عنها شفهياً. لا أحزاب علمانية وديموقراطية وتقدمية. لغتها خشبية. لا نقابات البتة. هياكل عظمية لا روح فيها. النقابات تابعة للمنظمات .

 

دلونا على جسم سليم في هذا الكيان السقيم. لا شيء يبشر بفجر. كله كالح. أسود. أو رمادي يعمي العيون ويطفئ القلوب.

وبعد كل ذلك، فما العمل؟ لم يتبق لنا سوى الخيانة.

 

غداً، سيموت الفلسطينيون قهراً وجوعاً وفقراً وعوزاً ومرضاً. لم يبق لسكان هذا الكيان رغيف خبز بسعر عرق الجبين. لا دواء غداً. الإفلاس، الذي ارتكبه القادة، قديماً وحديثاً، هو نتيجة طبيعية لتراخي الناس ومسامحتهم لقادتهم. إنهم متهمون بخيانة أنفسهم لصالح مقاماتهم السياسية والتنظيمية.

 

هل من إصلاح؟ سؤال سخيف ومنحط. من سيقوم بهذه المهمة؟ الناس؟ أين هم؟ الأزلام؟ لقد قاموا بمهمة التدمير. عبث. لا حل أبداً، لا في الأفق المنظور ولا في الأفق البعيد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى