القصة والأدب

الدكروري يكتب عن أبي حنيفة وثورة الإمام زيد

الدكروري يكتب عن أبي حنيفة وثورة الإمام زيد

الدكروري يكتب عن أبي حنيفة وثورة الإمام زيد

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

ذكرت كتب الفقه الإسلامي الكثير عن المذاهب الأربعة والذي كان من بينهم المذهب الحنفي، ويأخذ المذهب الحنفي بالكتاب الكريم كسائر الأئمة، ويأخذ بالسنة وان كان له مسلك خاص نحوها فهو يتشدد قبول الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا يقبله إلا إذا رواه جماعة عن جماعة أو كان خبرا اتفق فقهاء الأمصار على العمل به أو روى واحد من الصحابة الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في جمع منهم فلم يخالفه أحد، ولقد عاش الإمام أبو حنيفة اثنين وخمسين سنة من حياته في العصر الأموي، وثمانى عشر سنة في العصر العباسي، فهو قد أدرك دولتين من دول الإسلام، ويُروى أنه لما خرج زيد بن علي زين العابدين على هشام بن عبد الملك سنة مائة وواحد وعشرون للهجرة.

 

كان أبو حنيفة من المؤيدين للإمام زيد، وقال أبو حنيفة ضاهى خروجه خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر، ويُروى أنه قال في الاعتذار عن عدم الخروج معه لو علمت أن الناس لا يخذلونه كما خذلوا أباه لجاهدت معه لأنه إمام حق، ولكن أعينه بمالي، فبعث إليه بعشرة آلاف درهم، وانتهت ثورة الإمام زيد بقتله سنة مائة واثنين وثلاثون من الهجرةه، كما قتل ابنه يحيى في خراسان، وابنه عبد الله بن يحيى في اليمن، ولقد كان لزيد بن علي منزلة في نفس أبي حنيفة، وكان يقدره في علمه وخلقه ودينه، وعده الإمام بحق، وأمده بالمال، ثم رآه يقتل بسيف الأمويين، ثم يقتل من بعده ابنه، ثم من بعده حفيده، فأحنقه كل ذلك، وكان يزيد بن عمر بن هبيرة والي الكوفة آنذاك.

 

فأرسل إلى أبي حنيفة يريد أن يجعل الخاتم في يده، ولا ينفذ كتاب إلا من تحت يد أبي حنيفة، فامتنع أبو حنيفة عن ذلك، فحلف الوالي أن يضربه إن لم يقبل، فنصح الناس أبا حنيفة أن يقبل ذلك المنصب، فقال أبو حنيفة لو أرادني أن أعد له أبواب مسجد واسط لم أدخل في ذلك، فكيف وهو يريد مني أن يكتب دم رجل يضرب عنقه وأختم أنا على ذلك الكتاب، فوالله لا أدخل في ذلك أبدا، فحبسه صاحب الشرطة، وضربه أياما متتالية، فجاء الضارب إلى الوالي وقال له إن الرجل ميت، فقال الوالي قل له تخرجنا من يميننا؟ فسأله فقال أبو حنيفة لو سألني أن أعد له أبواب المسجد ما فعلت، ثم أمر الوالي بتخلية سبيله، فركب دوابه وهرب إلى مكة، وكان هذا في سنة مائة وثلاثون من الهجرة.

 

ولقد وجد في الحرم المكي أمنا، فعكف على الحديث والفقه، يطلبهما بمكة التي ورثت علم ابن عباس، والتقى أبو حنيفة بتلاميذه فيها، وظل مقيما بمكة حتى صارت الخلافة للعباسيين، فقدم الكوفة في زمن أبي جعفر المنصور، واستقبل أبو حنيفة عهد العباسيين بارتياح، فقد رأى اضطهاد الأمويين لبني علي بن أبي طالب وأهل بيت النبي محمد صلى الله عليه وسلم، واستمر على ولائه للدولة العباسية لمحبته لآل البيت جميعا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى