مقال

عجائب أمر الصلاة

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن عجائب أمر الصلاة

بقلم/ محمـــد الدكـــروري

بسم الله الرحمن الرحيم الذي من أسباب رحمتة سبحانه وتعالي بعبده هو رحمة مخلوقاته من الآدميين والبهائم، فمن علامات سعادة العبد أن يكون رحيم القلب فالرحيم أولى الناس برحمة الله، وهو أحب الناس إلى الناس، وأقرب الناس إلى قلوب الناس، وهو أحق الناس بالجنة، لأن الجنة دار الرحمة لا يدخلها إلا الراحمون، ورحمة الخلق جميعا بشرا أو حيوانات من أعظم أسباب المغفرة، فقد غفر الله لبغي سقت كلبا، وغفر الله لرجل رأى كلبا يلهث الثرى من العطش فرق له فسقاه، ولقد أمرنا الله عز وجل بالصلاة وإن من عجيب أمر الصلاة أن النار لا تقرب مواضع السجود من جسد ابن آدم،فقد قال النبي الكريم صلى الله عليه وسلم ” تأكل النار ابن آدم إلا أثر السجود حرم الله علي النار أن تأكل اثر السجود” رواه ابن ماجه.

 

وقد أمر الأنبياء بالصلاة وأقاموها لله رب العالمين، فقال النبي الكريم صلى الله عليه وسلم وصفا لهيئة الأنبياء في صلاتهم ” إنا معشر الأنبياء أمرنا أن نعجل إفطارنا ونؤحر سحورنا ونضع إيماننا علي شمائلنا في الصلاة” وكان أبو الأنبياء إبراهيم عليه السلام يدعو الله بأن يوفقه إلى إقامة الصلاة، حيث قال الله تعالى ” رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي ربنا وتقبل دعاء” ويناشده تكثير الناس حول زوجه وولده عند البيت العتيق ليقيموا الصلاة فقال تعالي”ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون” ووصف الله تعالى نبيه إسماعيل عليه السلام بأنه كان من الآمرين لأهله بالصلاة.

 

فقال الله تعالى ” واذكر في الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد وكان رسولا نبيا، وكان يأمر أهله بالصلاة والزكاة وكان عند ربه مرضيا” وعن نبي الله اسحاق ويعقوب قال الله تعالى ” ووهبنا له إسحاق ويعقوب وكلا جعلنا صالحين، وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا وأوحينا إليهم فعل الخيرات وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وكانوا لنا عابدين” كما وصف قوم شعيب عليه السلام نبيهم بأنه من أهل الصلاة حين قالوا “يا شعيب أصلاتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء إنك لأنت الحليم الرشيد” وقد نادى الله تعالى على نبيه الكليم موسى عليه السام آمرا إياه قائلا “وأنا أخترتك فاستمع لما يوحي، إنني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني وأقم الصلاة لذكري” وقد أوحى إليه وأخاه هارون عليه السلام بإقامة الصلاة أيضا.

 

فقال تعالى ” وأوحينا إلي موسي وأخيه أن تبؤا لقومكما بمصر بيوتا واجعلوا بيوتكم قبلة وأقيموا الصلاة وبشر المؤمنين” ومن كلام سيدنا عيسى عليه السلام حينما تكلم في المهد قال ” قال إني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبيا، وجعلني مباركا أين ما كنت وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا” واعلموا أن من أسباب الرحمة الاستماع والإنصات لتلاوة القرآن الكريم، حيث قال تعالي في سورة الأعراف ” وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وانصتوا لعلكم ترحمون” ويقول السعدي رحمه الله هذا الأمر عام في كل من سمع كتاب الله يتلى، فإنه مأمور بالاستماع له والإنصات، والفرق بين الاستماع والإنصات، أن الإنصات في الظاهر بترك التحدث أو الاشتغال بما يشغل عن استماعه.

 

وأما الاستماع له، فهو أن يلقي سمعه، ويحضر قلبه ويتدبر ما يستمع، فإن من لازم على هذين الأمرين حين يتلى كتاب الله، فإنه ينال خيرا كثيرا وعلما غزيرا، وإيمانا مستمرا متجددا، وهدى متزايدا، وبصيرة في دينه، ولهذا رتب الله تعالي حصول الرحمة عليهما، فدل ذلك على أن من تلي عليه الكتاب، فلم يستمع له وينصت، أنه محروم الحظ من الرحمة، قد فاته خير كثير، ومن أوكد ما يؤمر به مستمع القرآن، أن يستمع له وينصت في الصلاة الجهرية إذا قرأ إمامه، فإنه مأمور بالإنصات، حتى إن أكثر العلماء يقولون إن اشتغاله بالإنصات، أولى من قراءته الفاتحة، وغيرها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى