مقال

اعلموا أنكم إليه راجعون

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن اعلموا أنكم إليه راجعون

بقلم / محمـــد الدكـــروري

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام علي رسول الله صلي الله عليه وسلم، روي عن أنس بن مالك رضي الله عنه يقول جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم يسألون عن عبادة النبي صلى الله عليه وسلم فلما أُخبروا كأنهم تقالوها فقالوا وأين نحن من النبي صلى الله عليه وسلم؟ قد غفَر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، قال أحدهم أما أنا، فإني أُصلي الليل أبدا، وقال آخر أنا أصوم الدهر ولا أفطر، وقال آخر أنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبدا، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ” أنتم الذين قلتم كذا وكذا؟ أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له، لكني أصوم وأُفطر، وأُصلي وأرقد، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني” رواه البخاري ومسلم، ومعني الرهط هم الجماعة من ثلاثة إلى عشرة. 

وفي رواية مسلم قيل نفر، وهم من الثلاثة إلى التسعة، ومعني تقالوها أي عدوها قليلة، والمراد بذنبه ما فرط منه خلاف الأَولى بالنسبة إلى مقامه الكريم، وهو من قبيل حسنات الأبرار سيئات المقربين، وإذا كان العتاب على قدر المحبة، فإن الذنب على قدر المنزلة، وتطلق السّنة، ويراد بها ما سنّه رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمته مما يقابل الفرض، وتطلق ويراد بها السيرة والطريقة، وهذا هو المراد هنا، والرغبة هنا هو العدول والإعراض، فإن كان على وجه من التأويل عُذر صاحبه، ولكنه بسبيل الوقوع في شرك التعمق والتنطع، وإن كان عن بُغض وكراهية، فالله بريء من الكافرين ورسوله، أما بعد فاتقوا الله أيها الناس وأروه منكم كل خير، واحذروا التنكب عن طريقه أو البعد عن سبيله واعلموا أنكم إليه راجعون.

ثم ينبئكم بما كنتم تعلمون، فقال تعالى ” يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون ” ولقد أمر الله سبحانه وتعالى بالإحسان إلى الآخرين ومدّ يد العون لهم ونصحهم وتوجيههم والبذل والتضحية من أجلهم, في إشارة مهمة بأن الإسلام دين تعاون ولحمة، وأخوة وصحبة وإيثار وخدمة، حيث قال الله تعالى ” وأحسنوا إن الله يحب المحسنين ” وقال تعالى ” وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل لا تعبدون إلا الله وبالوالدين إحسانا وذي القربى واليتامى والمساكين وقولوا للناس حسنا” وكما قال تعالي ” وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن ” ويقول الله عز وجل كما جاء فى سورة البقرة ” ولا تكتموا الشهاده ومن يكتمها فإنه آثم قلبه” وهى بمعنى إذا كتموها وهم يعلمون عليهم إثم، ولا يجوز لهم ذلك. 

أما إن كان عندهم شك فلا حرج عليهم، إذا كان ما عندهم ضبط لا يجوز لهم الشهادة وهم غير ضابطين، فلا يجوز لهم يجاملون لأجل أحد له حق عليهم، أو لأنه صاحبهم فالشهادة أمرها عظيم فإذا كان عندهم علم وجب عليهم الأداء وحرم عليهم الكتمان، أما أن يشهدوا لأجل صاحبهم بالشبهة أو بالشك لا ما يجوز هذا، مثل ما يفعل بعض البدو وبعض الحضر أيضا ما دام صديقا له، يقول أنت صديقي وتعرف أني صادق اشهد لى، هذا ما يجوز، ولو أنك أخوه ولو أنك صادق، ما يشهد إلا بالأمر الواضح وإلا شهادة الزور من أقبح الكبائر نعوذ بالله، فلا بد أن يشهد الإنسان بشيء يعلمه، أما قوله أنك تعرفني، وأنا الحمد لله صدوق، وأنا وأنا وأنا اشتريت من فلان كذا أو بعته كذا اشهد لي هذا ما يجوز، ولو أنه من الصحابة ما يجوز يشهد له بغير حق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى