مقال

مزالق الحياة الدنيا الغادرة

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن مزالق الحياة الدنيا الغادرة
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الأربعاء الموافق 20 ديسمبر

الحمد لله رب العالمين، اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان، ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد إن الله عز وجل يحذر عباده من الانجراف في مزالق الحياة الدنيا الغادرة وعدم الإخبات إليها أو اتخاذها وطنا وسكنا وأنها غادرة ماكرة ما لجأ إليها أحد أو رجاها من دون الله إلا خذلته وتخلت عنه فهي حقيرة عند الله عز وجل كحقارة الميتة عند الناس وإنما جعلها الله فتنة للعباد، ليرى الصابر والشاكر والمغتنم لأوقاته لما فيه رضا ربه سبحانه، ممن عكف عليها وأقام وأناب إليها ومن قضى أيامه ولياليه من أجلها، فلا يستوي الفريقان عند الله أبدا.

فإذا كانت الدنيا دار لهو ولعب، وكانت الآخرة دار الحياة الحقيقية وجب على الإنسان العاقل أن يتعامل مع الآخرة على أساس أنها الحقيقة، ومع الدنيا على أساس أنها لهو ولعب، فيوجه أنظاره وعنايته إلى الآخرة أولا ثم الدنيا ثانيا، فلا أن يعكس الأمر فيتعامل مع الآخرة وكأنها لهو ولعب فيهجرها أو يزهد فيها، ويتعامل مع الدنيا على أساس أنها حقيقة مطلقة غير قابلة للشك، فيتعلق بها ويطمع فيها ويركن إليها ويطمئن لها، فيأمن غوائلها ومكرها، فالإنسان لم يخلق للدنيا حتى يتعلق بها ويرفض أن يفارقها بل هو في سفر، يقطع العوالم عالما عالما، بدأ سفره من الله وينتهي من سفره عند الله، فقال تعالى ” إنا لله وإنا إليه راجعون ” فإذا كانت الدنيا هكذا، وهكذا هو حالها إذن لماذا يغتر الإنسان بها ويركن إليها ويطمع فيها.

مع أنه إذا نسبها إلى عالم الآخرة التي هي دار الخلود وجدها أقل طولا وأصغر عمرا، فكم سيبلغ طولها إذا ما قيست بالعوالم الأخرى جميعا؟ فإذا كان عمر الدنيا كلها ساعة من نهار أو لحظة من زمان فكم سيبلغ عمري وعمرك فيها ونحن الذين وُجدنا لنعيش فيها سنوات معدودة؟ فإنها ساعة ولكنها فرصة منحك الله تعالى إياها لتسعى فيها قدر جهدك لنيل كمالك الأخروي، ولا تنسي أن الفرص تمر مر السحاب، والعاقل هو الذي يستثمر كل فرص وجوده ليعيش في طاعة الله ورضاه، واعلموا يرحمكم الله إن المعاصي هي سبب البعد والطرد من رحمة الله عز وجل، والطاعات هي أسباب القرب والود، وفي الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال “إن الله يغار، وغيرة الله أن يأتي المرء ما حرّم الله عليه” متفق عليه.

وكذلك كثرة الأعمال الصالحة من نوافل العبادات كالصلاة، والصدقة، والجهاد، والقراءة، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، ونحو ذلك فإنها من الأعمال التي تضاعف في الأيام العشر من شهر ذو الحجة، فالعمل فيها وإن كان مفضولا، فإنه أفضل وأحب إلى الله من العمل في غيرها، وإن كان فاضلا حتى الجهاد، الذي هو من أفضل الأعمال إلا من عقر جواده، وأهريق دمه، فاللهم انصر دينك وكتابك وسنة نبيك وعبادَك المؤمنين، اللهم انصر من نصر هذا الدين، واخذل الطغاة والملاحدة والمفسدين والمنافقين، يا رب العالمين، بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، ونفعنا بهدي سيد المرسلين وبقوله القويم، أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى