مقال

المؤمن الناقص الإيمان

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن المؤمن الناقص الإيمان
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : السبت الموافق 23 ديسمبر

إن الحمد لله على إحسانه والشكر له سبحانه وتعالى على امتنانه، ونشهد بأنه لا إله إلا الله تعظيما لشأنه، وأن محمدا عبده ورسوله داع لرضوانه، وصلي اللهم عليه وعلى آله وخلانه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد، لقد اختلف أهل السنة هل يسمى مؤمنا ناقص الإيمان أو يقال ليس بمؤمن لكنه مسلم على قولين وهما روايتان عن أحمد وأما اسم الإسلام فلا ينتفي بانتفاء بعض واجباته، أو انتهاك بعض محرماته وإنما ينفى بالإتيان بما ينافيه بالكلية ولا يعرف في شيء من السنة الصحيحة نفي الإسلام عمن ترك شيئا من واجباته كما ينفى الإيمان عمن ترك شيئا من واجباته وإن كان قد ورد إطلاق الكفر على فعل بعض المحرمات وإطلاق النفاق أيضا، وكما اختلف العلماء هل يسمى مرتكب الكبائر كافرا كفرا أصغر أو منافقا النفاق الأصغر.

ولا أعلم أن أحدا منهم أجاز إطلاق نفي اسم الإسلام عنه إلا أنه روي عن ابن مسعود أنه قال ما تارك الزكاة بمسلم، ويحتمل أنه كان يراه كافرا بذلك خارجا من الإسلام، وكذلك روي عن عمر فيمن تمكن من الحج ولم يحج أنهم ليسوا بمسلمين والظاهر أنه كان يعتقد كفرهم ولهذا أراد أن يضرب عليهم الجزية، ويقول لم يدخلوا في الإسلام بعد فهم مستمرون على كتابيتهم وإذا تبين أن اسم الإسلام لا ينتفي إلا بوجود ما ينافيه ويخرج عن الملة بالكلية فاسم الإسلام إذا أطلق أو اقترن به المدح، دخل فيه الإيمان كله من التصديق وغيره كما سبق في حديث عمرو بن عبسة، وأن النبي صلى الله عليه وسلم بعث سرية فغارت على قوم فقال رجل منهم إني مسلم فقتله رجل من السرية فنمي الحديث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

فقال فيه قولا شديدا فقال الرجل إنما قالها تعوذا من القتل فقال النبي صلى الله عليه وسلم “إن الله أبى علي أن أقتل مؤمنا ” ثلاث مرات” فلولا أن الإسلام المطلق يدخل فيه الإيمان والتصديق بالأصول الخمسة لم يصر من قال أنا مسلم مؤمنا بمجرد هذا القول وقد أخبر الله تعالى عن ملكة سبأ أنها دخلت في الإسلام بهذه الكلمة قالت “رب إني ظلمت نفسي وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين” وأخبر عن نبي الله يوسف عليه السلام أنه دعا بالموت على الإسلام، وهذا كله يدل على أن الإسلام المطلق يدخل فيه ما يدخل في الإيمان من التصديق، وعن عدي بن حاتم قال، قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ” يا عدي أسلم تسلم” قلت وما الإسلام ؟ قال “تشهد أن لا إله إلا الله وتشهد أني رسول الله وتؤمن بالأقدار كلها خيرها وشرها،

وحلوها ومرها فهذا نص في أن الإيمان بالقدر من الإسلام” ثم إن الشهادتين من خصال الإسلام بغير نزاع وليس المراد الإتيان بلفظهما دون التصديق بهما فعلم أن التصديق بهما داخل في الإسلام وقد فسر الإسلام المذكور في قوله تعالى “إن الدين عند الله الإسلام” بالتوحيد والتصديق طائفة من السلف منهم محمد بن جعفر بن الزبير وأما إذا نفي الإيمان عن أحد وأثبت له الإسلام، كالأعراب الذين أخبر الله عنهم فإنه ينتفي عنهم رسوخ الإيمان في القلب وتثبت لهم المشاركة في أعمال الإسلام الظاهرة مع نوع إيمان يصحح لهم العمل إذ لولا هذا القدر من الإيمان لم يكونوا مسلمين وإنما نفي عنهم الإيمان لانتفاء ذوق حقائقه ونقص بعض واجباته وهذا مبني على أن التصديق القائم بالقلوب متفاضل وهذا هو الصحيح وهو أصح الروايتين عن أحمد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى