مقال

الإقدام والثبات على المبدأ

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن الإقدام والثبات على المبدأ
بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله الخافض الرافع، حجب الجن عن غيبه بعد أن كان لهم في السماء مواضع، أنزل القرآن نورا يتلى فإذا الناس محجوب وسامع، إذا قرئ على العليل ذهبت عن جسمه المواجع، وإذا استمع له الحزين هان في عينيه كل ضائع، نحمده تبارك وتعالى على كل حال وواقع، ونعوذ بنور وجهه الكريم من العوائق والموانع، ونسأله أن يحفظ علينا العقول والأبصار والمسامع، ونرجوه أن يكون عنا ضد الحاقدين والحاسدين هو المدافع، وأشهد أن لا إله إلا الله الضار النافع، جعل في السماء بروجا والنجوم لها مواقع، ومن الرياح لواقح ومنها المدمر ذو الفظائع، ومن الجبال غرابيب سود وحمر وبيض نواصع، وفي البحار أمواج مهلكات وفيها طعام ولؤلؤ وقواقع، وفي الأرض صخر وحجر ومدر وفيها الجوهر اللامع.

ومن النبات حلو ومر ومن السموم نواقع، ومن الدواب وحوش كاسرات، وفي البهائم ركائب ومنافع، ومن الطيور حاملات رسائل، ومن الطيور فواسق ونوازع، ومن الناس أهل للمعروف، ومنهم من في الشر ضالع، ومن الأيام إسعاد ومبشرات، ومنها بالفتن والشرور طوالع، أمور حارت البرية فيها، ونور الحق للظلمات قاشع، فالخير مراد في الأمور لذاته، والشر في بعض الأمور براقع، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وصفيه من خيرة خلقة وحبيبه صلي الله عليه وسلم ثم أما بعد ويقول سيد قطب في تفسير هذه الآية ” يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم” فيقول لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لاين المنافقين كثيرا، وأغض عنهم كثيرا وصفح، فها هو ذا يبلغ الحلم غايته، وتبلغ السماحة أجلها، ويأمره ربه أن يبدأ معهم خطة جديدة، ويلحقهم بالكافرين في النص.

ويكلفه جهاد هؤلاء وهؤلاء جهادا عنيفا غليظا لا رحمة فيه ولا هوادة، وإن للين مواضعه وللشدة مواضعها، فإذا انتهى أمد اللين فلتكن الشدة، وإذا انقضى عهد المصابرة فليكن الحسم القاطع، وللحركة مقتضياتها، وللمنهج مراحله واللين في بعض الأحيان قد يؤذي، والمطاولة قد تضر، فكل هذا يؤكد لنا علو همة النبي صلى الله عليه وسلم وكيف لجأ إلى الشدة والقوة في معاملة المنافقين إذا دعت الحاجة إليها لأن الضمير في قوله تعالى ” واغلظ عليهم ” ويعود على الفريقين الكفار والمنافقين، ومعناه جاهدهم بكل ما تستطيع مجاهدتهم به، بما تقتضيه الحال، واشدد عليهم في هذه المجاهدة، ولقد كانت همة النبي صلى الله عليه وسلم في أداء هذه الفريضة أداء أصحاب الهمم العالية، والشجاعة الإقدام والثبات على المبدأ.

واحتقار الموت في سبيل العقيدة، فهمته قد بلغت الذروة في هذا الأمر، فكان المجاهد الأعظم في التاريخ، حارب يوم بدر ويوم أحد، ويوم الخندق، ويوم حنين، وفي كثير من المواقع التي يعاني فيها من القلة من المؤمنين ومن ضعف الشوكة كان يقف رسول الله صلى الله عليه وسلم في مواجهة الفتن والحوادث الجسام بإيمان راسخ، وهمة عالية ليكافح أعداء الملة والدين، بصبر ومصابرة، وهمة وعزمة صادقة، فعلينا أن نقتدي بأعظم صاحب همة عالية رسولنا صلى الله عليه وسلم وخاصة ونحن في هذه الأيام نعيش في وقت أظهر الكفار والمنافقون حقدهم وبغضهم للإسلام، فلنجاهد كما أمرنا القرآن الكريم حتى تكون كلمة الله هي العليا وكلمة الذين كفروا هي السفلى، ومما يظهر لنا علو همة النبي صلى الله عليه وسلم.

وعزمه الصادق في جهاد الأعداء هو التحريض على الأمر بالقتال فقال تعالي كما جاء في سورة التوبة ” يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم” ويقول السعدي في تفسير هذه الآية أي حثهم وأنهضهم إليه بكل ما يقوي عزائمهم وينشط هممهم، من الترغيب في الجهاد ومقارعة الأعداء، والترهيب من ضد ذلك، وذكر فضائل الشجاعة والصبر، وما يترتب على ذلك من خير في الدنيا والآخرة، وذكر مضار الجبن، وأنه من الأخلاق الرذيلة المنقصة للدين والمروءة، وأن الشجاعة بالمؤمنين أولى من غيرهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى