مقال

النصر بيد الله يؤتيه من يشاء

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن النصر بيد الله يؤتيه من يشاء
بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله ذي الجلال والإكرام حي لا يموت قيوم لا ينام، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك الحليم العظيم الملك العلام، وأشهد أن نبينا محمدا عبده ورسوله سيد الأنام والداعي إلى دار السلام صلى الله عليه وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان، ثم أما بعد، لقد كان لكم فى سلفكم الصالح وسيرتهم ومجيد أعمالهم وصادق جهادهم بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله خير حافز أن تدفعوا عن دينكم، فتعيشوا أعزة قد مكن الله لكم دينكم الذى ارتضى لكم، وبدلكم بعد خوفكم أمنا، فجاهدوا أنفسكم أولا، لتطردوا من قلوبكم عدوكم الذى زيّن لكم الفسوق والعصيان، واحتل مدينة قلبكم بشركه وتمرده على ربه، واستهانته بحدوده وانتهاكه لحرماته، فلئن ظفرتم بعدوكم هذا، وأجلبتموه عن مملكة قلوبكم وأرواحكم، فمن أهون الهين عليكم الأخرى.

والله معكم والنصر بيده يؤتيه من يشاء، وهو القوى العزيز، فإذا خالطت العقيدة شغاف القلوب، وداخل الإيمان بها النفوس، أصبحت فوق كل شيء، وأعز من كل شيء، من المال والولد، والأهل والعشيرة، والتجارة الرابحة، والمساكن الباذخة، وهذا المعنى السامى في تقديس العقيدة، وتقديمها على كل ما نملك وعلى كل المُتع الدنيوية، هو الذى يريده الله سبحانه وتعالى من عباده المخلصين حقا، ومن لم يكن على هذا الوصف، فليتربص غضب الله، ولينتظر عذابه وعقابه، فإن بيان ما تحمّله رسول الله صلى الله عليه وسلم في سبيل دعوة قومه إلى الإيمان، وإقناعهم بأن للعالم خالقا، وأنه يجب عليهم أن يقلعوا عن عبادة أحجار لا تضر ولا تنفع، وفي سبيل إقناع رسول الله صلى الله عليه وسلم قومه، آذوه وأصحابه فى أنفسهم وأموالهم وأهليهم وأرزاقهم.

ولقد اشتد المشركون فى هذا، حتى أكل المسلمون ورق الشجر، رسول الله صلى الله عليه وسلم، مع ذلك صابر على الأذى، حتى إنه أرسل بعض المسلمين الذين لم تكن لهم طاقة على تحمل إيذاء المشركين إلى بلاد الحبشة إشفاقا عليهم، وبقى هو ومن معه من المسلمين الذين لهم قدرة على تحمل الآلام بمكة، يتقبلون راضين كل ما ينزل بهم من تعذيب وتنكيل، ولما طال مُكث رسول الله صلى الله عليه وسلم بين قومه وهو دائب على دعوتهم إلى عبادة الله ثلاث عشرة سنة، لا يفتر لسانه عن ترديدها بين أسماعهم، ولا يني قلبه عن الإخلاص إليهم، والنصح لهم، والحرص على إنقاذهم مما هم فيه من غى وضلال، حتى وصف الله سبحانه وتعالى شدة اهتمامه بهدايتهم، وحرصه على تخليصهم، بقوله فى سورة الكهف” فلعلك باخع نغسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفا”

فلما طال مُكث رسول الله صلى الله عليه وسلم بين قومه، وهو دائب على دعوتهم، وهم صامدون على غيّهم، والعمل على الإضرار به هو ومن معه من المسلمين، أمرهم بترك مكة، حتى لم يبق منهم إلا عدد قليل بعد هجرة من هاجر منهم إلى المدينة، وكان من بين من بقى معه بمكة أبو بكر وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهما وكان كلما استأذن أبو بكر رسول الله صلى الله عليه وسلم في الهجرة، يقول له رسول الله صلى الله عليه وسلم “على رسلك فإني أرجو أن يُؤذن لي” فيقول له أبو بكر الصديق وهل ترجو ذلك بأبي أنت وأمي؟ هذا وصلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه، فاللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد،كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم، وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد، كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم، في العالمين إنك حميد مجيد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى