مقال

رصف القرآن وبيانه ونظمه

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن رصف القرآن وبيانه ونظمه
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الأربعاء الموافق 13 مارس 2024

الحمد لله وفق من شاء لمكارم الأخلاق وهداهم لما فيه فلاحهم يوم التلاق أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك الخلاق، وأشهد أن محمدا عبد الله وسوله أفضل البشر على الإطلاق صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلي يوم الدين أما بعد ذكرت المصادر الإسلامية كما جاء في كتب الفقه الإسلامي الكثير والكثير عن كتاب الله العزيز، القرآن الكريم، ولقد كان هذا القرآن ينزل منجما، وكان الذى نزل عليه يومئذ قليلا كما تعلم، فكان هذا القليل من التنزيل هو برهانه الفرد على نبوته، وذلك القليل منطو على دليل مستبين قاهر، يحكم له بأنه ليس من كلام البشر، وبذلك يكون دليلا على أن تاليه عليهم وهو بشر مثلهم نبي من عند الله، مرسل من وجه واحد، وهو وجه البيان والنظم، ومن ذلك الوجه طولب العرب بالإقرار والتسليم.

ومن هذا الوجه تحيرت العرب فيما تسمع من كلام يتلوه عليهم رجل منهم، تجده من جنس كلامها لأنه نزل بلسانهم، لسان عربى مبين، ثم تجده مباينا لكلامها، فما تدرى ما تقول فيه من طغيان اللدد والخصومة، وظل رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة، ثلاثة عشر عاما، والمسلمون قليل مستضعفون في أرض مكة، وظل الوحي يتتابع وهو يتحداهم أن يأتوا بمثل هذا القرآن، ثم بعشر سور مثله مفتريات، فلما انقطعت قواهم، قطع الله عليهم وعلى الثقلين جميعا منافذ اللدد، والعناد فقال كما جاء فى سورة الإسراء ” قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا” وهذا البلاغ الحق الذى لا معقب له من بين يديه ولا من خلفه، وهو الذى سمى إعجاز القرآن، ولكن أين مكمن الإعجاز؟

فإن الإعجاز كائن في رصف القرآن وبيانه ونظمه، فلا بد من إثباته، فيما احتواه القرآن الكريم من حقائق فى الخلق أو في الكون، فإن ما فى القرآن من مكنون الغيب، ومن دقائق التشريع ومن عجائب آيات الله فى خلقه، كل ذلك بمعزل عن هذا التحدى المفضى إلى الإعجاز، وإن كان ما فيه من ذلك كله يعد دليلا على أنه من عند الله تعالى، ولكنه لا يدل على أن نظمه وبيانه مباين لنظم كلام البشر وبيانهم، وأنه بهذه المباينة كلام رب العالمين، لا كلام بشر مثلهم، وإن منذ بداية النهضة الحديثة أشفق كثيرون من العلماء والمفكرين، من ربط آيات القرآن ببعض حقائق العلم الحديث، خشية من التطورات التي تطرأ على النظريات العلمية، فينعكس ما بها من أخطاء أو نبوءات لم تحقق على صدق الخبر القرآنى ولكن الذين تحمسوا لتلك العلاقة الرابطة.

فرقوا بين حقائق العلم التى ثبتت وتحققت بالتجربة، وبين الفروض التي لا تعدو أن تكون رأيا مفسرا لم يثبت بعد، ومن الذين يرون في الإعجاز مدلولا أوسع الإمام ابن تيمية فهو يقول وكون القرآن معجزة، ليس من جهة بلاغته وفصاحته فقط، أو نظمه وأسلوبه فقط، ولا من جهة إخباره بالغيب فقط، بل هو آية بيّنة معجزة من وجوه متعددة، من جهة اللفظ، ومن جهة النظم، ومن جهة البلاغة فى دلالة اللفظ على المعنى، من جهة معانيه التي أمر بها، ومعانيه التي أخبر بها عن الله تعالى، وأسمائه وصفاته وملائكته وغير ذلك، ومن جهة معانيه التى أخبر بها عن الغيب الماضي، وعن الغيب المستقبل، وكل ما ذكره الناس من الوجوه فى إعجاز القرآن، هو حجة على إعجازه، ولا يناقض ذلك، بل كل قوم تنبهوا لما تنبهوا له.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى