مقال

جريمة عظيمة يتعلق بها شر عظيم

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن جريمة عظيمة يتعلق بها شر عظيم
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الخميس الموافق 28 مارس 2024

الحمد لله الذي نوّر بالقرآن القلوب، وأنزله في أوجز لفظ وأعجز أسلوب، فأعيت بلاغته البلغاء، وأعجزت حكمته الحكماء، أحمده سبحانه وهو أهل الحمد والثناء، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله المصطفى، ونبيه المرتضى، معلم الحكمة، وهادي الأمة، صلى الله عليه وعلى آله الأبرار، وصحبه الأخيار، ما تعاقب الليل والنهار، وسلم تسليما كثيرا ثم اما بعد إن من يؤذي المسلم بيده أو بلسانه بكلمة فقد أعلن النبي صلى الله عليه وسلم للملأ أجمعين مدى جُرمه، ومدى قبحه، لأنه يؤذي إخوانه بلسانه وبيده، ويكفي قوله صلى الله عليه وسلم ” المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويدة ” فكأن الذي يؤذي المسلمين بلسانه بسبّ أو شتم أو تعريض أو توبيخ أو هجاء، بيده أو بشكاية أو إذاية أو نكاية أو مقالة، هؤلاء جميعا إسلامهم فيه نقص ويحتاجون إلى التوبة النصوح.

وإلى السماح ممن تعرضوا لإيذائه، حتى يتوب الله عليهم، ويجعلهم من عباده المسلمين وقد قال صلى الله عليه وسلم مُعرّفا المسلم في نظره وفي نظر دينه وفي نظر الله عز وجل ” ليس المسلم بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء” فإن المؤمن لا يسب حتى ولو كان حيوانا، ولا يُعيّر إنسانا حتى ولو كان جبانا بجبنه، ولو كان به عيب يعيبه، لأن المؤمن لا ينتهك حُرمة إخوانه المسلمين، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم سائرا ورجلا من إخوانه يركب بعيرا، فلعن بعيره، فما كان منه صلى الله عليه وسلم إلا أن أمره ألا يمشى معهم على بعير ملعون، قال الرجل فماذا أفعل يا رسول الله؟ فأشار صلى الله عليه وسلم أن يتركه يذهب حيث يشاء وقال ” يا عبد الله لا تسر معنا علي بعير ملعون” فأمره تكفيرا لذنبه أن يتنازل عن ملكيته للبعير، ويتركه طليقا في أرض الله عز وجل.

ولكن كل ذلك لماذا؟ حتى يلقن أصحابه درسا ألا يسبوا أحدا ولا يلعنوا شيئا، وقال صلى الله عليه وسلم عن ربه لمن يسب الأيام، ويسب الدهر، ويسب الشهور والسنين، يقول الله تعالى” لا تسبوا الدهر، فأنا الدهر، الأيام والليالي لي أجددها وأبليها وآتي بملوك بعد ملوك” فجعل المسلم نطقه حكما، وكلامه حلما، وخلقه جمالا ومعاملته كمالا، وإن شهادة الزور من أكبر الكبائر ومن أعظم الذنوب، وقد حذر رسول الله صلى الله عليه وسلم منها، والمقصود من هذا التحذير منها، وإن كان الشرك أكبر والعقوق أكبر لكنها جريمة عظيمة يتعلق بها شر عظيم وظلم للناس، واستحلال الفروج والأموال والأعراض والدماء بغير ما شرع الله، فلهذا صارت جريمة عظيمة، ويجب على ولي الأمر إذا عرف ذلك أن يعاقب شاهد الزور بالعقوبة الرادعة من الجلد والسجن ونحو ذلك.

مما يكون زاجرا له ولأمثاله، لأنها جريمة يترتب عليها فساد كبير وشر عظيم فاستحق صاحبها أن يعاقب عقوبة رادعة من ولي الأمر، وإن شهادة الزور هى سبب لانتهاك الأعراض، وإزهاق النفوس، وشاهد الزور إذا شهد مرة هانت عليه الشهادة ثانية لأن النفوس بمقتضى الفطرة تنفر عن المعصية وتهابها، فإذا وقعت فيها هانت عليها، وتدرجت من الأصغر إلى ما فوقه وقد قال الله عز وجل ” فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التى فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون” فقد أمرنا الله عز وجل، أن نكون مع الصادقين فقال في محكم التنزيل ” يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين” فعلى الإنسان أن يكون بعيدا عن الصفات التي لا تليق به كمسلم، وأن يكون قدوة للآخرين، وليكن فعله ذلك امتثالا لأمر الله عز وجل.

ولقد أنزل الله سبحانه وتعالى إلينا شريعة كاملة فيها الكثير من الأحكام، والعديد من الشرائع، فيها الواجبات والأوامر، وفيها المحرمات والنواهي، فيها الحلال وهو الأكثر، وفيها الحرام وهو الأقل، وما حرم الله سبحانه وتعالى على الناس شيئا إلا لأجلهم، لأجل أن يستقيم دينهم، وتصلح دنياهم، وقد تنوعت هذه المحرمات فكان منها الصغائر، وكان منها الفواقر والكبائر، وإن من هذه الكبائر، هى كبيرة تهاون الناس فيها كثيرا، واستسهلوها، يحسبونها هينة وهي عند الله عظيمة، لها عندهم العديد من المسميات التي يتحايلون بها على أمر الله تعالى، ولكنه ليس لها عند الله تبارك وتعالى إلا اسم واحد، ألا وهو شهادة الزور.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى