مقال

الدكروري يكتب عن وأسألك الرضا بعد القضاء

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن وأسألك الرضا بعد القضاء

بقلم / محمـــد الدكـــروري

اليوم : الأربعاء الموافق 3 إبريل 2024

إن الحمد لله شارح صدور المؤمنين، فانقادوا إلى طاعته وحسن عبادته، والحمد له أن حبب إلينا الإيمان، وزينه في قلوبنا، يا ربنا نشهد أنك أنت الله لا إله إلا أنت، ونشهد أن محمدا عبد الله ورسوله، وصلى اللهم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين أجمعين، أما بعد إن من طرق جلب السعادة هو إفشاء السلام، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أولا أدلكم على شيء إذ فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم” رواه مسلم، وأما عن سر السعادة، فإن كلنا نبحث عن السعادة، ونسعى لها، ونفتش عنها يمينا تارة، وشمالا تارة أخرى، يظنها البعض في ترف المأكل والملبس دون جدوى، والآخر يكنز المال، ويعتقد سعادته في الغنى، والكثيرون يحسدونه لكثرة ماله. 

ولو شققنا داخله لعلمنا عظيم تعاسته، وهذا غارق في ملذاته علها تنفس عنه، يبتغي الراحة والرفاهية، لا يبالي بحرام أو حلال، وبين هذا وذاك خسر سعادة الدنيا والآخرة، إذن أين هي السعادة؟ وما طريقها؟ وكيف نجدها؟ فإن هذه الأسئلة لطالما راودت الكثير منا، وبحثنا وبحثنا كثيرا عنها، ولكن في الحقيقة جوابها بأيدينا، وطريقها أمامنا، فإن أخلصنا النية، وسعينا لها سعيها، كشفت كل الحجب التي تحول بيننا وبينها، فإن حقيقة السعادة هي سعادة الدار الآخرة، والعمل والمجاهدة للوصول إليها، فعلينا جميعا أن نراقب أعمالنا ونياتنا، ونجعلها خالصة لله عز وجل، ونحاسب أنفسنا إن قصرنا، ونطهرها بذكر الله، وعلينا جميعا أن نعود إلى الله إن أذنبنا، وننكسر له، ولنتوب اليه، ونسعى لرضاه سبحانه وتعالى، ولندعوه مخلصين له الدين، وحاشاه أن يرد أيدينا صفرا فهو الجواد الكريم. 

فهنا فقط نصل لما نريد، ونحقق السعادة، ويا لها من سعادة حين يرضى الله عنا، وحينها تطمئن القلوب، وتهدأ النفوس، وتهنأ الروح في حفظ الله ورعايته، بل وننال السعادة الكبرى بإذن الله في ظل نعيم الآخرة الدائم، وإن الرضا هو سرور القلب بمُرّ القضاء، أو سكونه تحت مجاري الأحكام، وبمعنى آخر أن ترضى بما أنت فيه من السراء والضراء، ولا تتمنى خلاف حالك، وقال ابن المبارك رحمه الله “الرضا لا يتمنى خلاف حاله” وقد أجمع العلماء على أن الرضا مستحب مؤكد استحبابه، وليس بواجب كالصبر لأن كثيرا من الناس قد لا يطيق الرضا أو لا يصل إلى درجته لصعوبته عليهم، والرضا هو أعلى منازل التوكل على الله تعالى، ولم يوجبه الله تعالى على خلقه رحمة بهم، وتخفيفا عنهم، لكنه تبارك وتعالى ندبنا إلى الرضا، وأثنى على أهله. 

وأخبر أن ثوابه رضاه تعالى عنهم كما قال سبحانه فى سورة التوبة ” ورضوان من الله أكبر” فرضا الله عن أهل الجنة أكبر وأجل من الجنة وما فيها، وقد كان السلف الصالح يوصي بعضهم بعضا في الرضا وها هو عمر الفاروق رضى الله عنه يوصي أبا موسى الأشعري رضي الله عنهما، قائلا له “إن الخير كله في الرضا، فإن استطعت أن ترضى وإلاَّ فاصبر” لأنه إن لم يصبر فسيقع في التسخط والجزع، والفرق بين الرضا والصبر، هو أن الصبر هو حبس النفس عن التسخط، وأما الرضا هو انشراح الصدر بالقضاء، والإنسان عند حلول المصيبة له أربع حالات إما التسخط، أو الصبر، أو الرضا، أو الشكر وهو أعلى مقامات الإيمان، وكان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم “وأسألك الرضا بعد القضاء” رواه النسائي، وما أحسن ما قاله ميمون بن مهران رحمه الله “مَن لم يرضى بالقضاء، فليس لحُمقه دواء”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى