مقال

إنه لقرآن كريم

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن إنه لقرآن كريم
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : السبت الموافق 27 مارس 2024

الحمد لله الذي نوّر بالقرآن القلوب، وأنزله في أوجز لفظ وأعجز أسلوب، فأعيت بلاغته البلغاء، وأعجزت حكمته الحكماء، أحمده سبحانه وهو أهل الحمد والثناء، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله المصطفى، ونبيه المرتضى، معلم الحكمة، وهادي الأمة، صلى الله عليه وعلى آله الأبرار، وصحبه الأخيار، ما تعاقب الليل والنهار، وسلم تسليما كثيرا ثم اما بعد إن كثرة أسماء الله تعالى الحسنى تدل على عظمته وكماله، وكثرة أسماء النبي صلى الله عليه وسلم، تدل على منزلته ودرجته العالية، وكذلك القرآن الكريم فكثرة أسماءه تدل على مكانته وفضله، وجميع أسماءه وصفاته توقيفية، فلا يجوز وصفه أو تسميته إلا بما جاء فيه عنه، أو ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم، في الأحاديث من الأسماء والصفات، وجميع أسماءه بينها اشتراك وتمييز.

فهي تشترك فيما بينها بالدلالة عليه، ويمتاز كل إسم منها بدلالته على معنى خاص به، ومن أسماءه وصفاته هو إسم القرآن الوارد في قوله تعالى ” إنه لقرآن كريم ” وأيضا إسم النور الوارد في قوله تعالى ” فآمنوا بالله ورسوله والنور الذى أنزلنا ” وأيضا إسم الذكر الوارد في قوله تعالى ” إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ” وأيضا إسم الفرقان الوارد في قوله تعالى ” تبارك الذى نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا ” وأيضا إسم الكتاب الوارد في قوله تعالى ” ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين ” وأيضا صفة المبارك الواردة في قوله تعالى ” وهذا كتاب أنزلناه مبارك ” وأيضا صفة الفصل الواردة في قوله تعالى ” وإنه لقول فصل ” وأيضا صفتى الهدى والرحمة الواردتان في قوله تعالى ” هدى ورحمة للمحسنين ” وأيضا صفة الكريم الواردة في قوله تعالى ” إنه لقرآن كريم”

وأيضا صفة الحكيم الواردة في قوله تعالى ” الر تلك آيات الكتاب الحكيم ” وإن من أهم واجباتنا نحو القرآن، هو أن نعمل بكل ما جاء في القرآن ونتخلق بأخلاقه، اقتداء بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم الذي ” كان خلقه القرآن ” كما فى الحديث الذى رواه مسلم، وقال الإمام الشاطبى، وإنما كان خلقه القرآن لأنه حكم الوحي على نفسه، حتى صار في علمه وعمله على وفقه، فكان الوحي حاكما وافقا قائلا وكان هو صلى الله عليه وسلم مذعنا ملبيا نداءه، واقفا عند حكمه فكان صلى الله عليه وسلم قرآنا يمشي على الأرض، أي كان يحرص على تطبيق ما في القرآن الكريم وقال النووي، وكون خلقه القرآن هو أنه كان متمسكا بآدابه وأوامره ونواهيه ومحاسنه ويوضحه أن جميع ما قص الله تعالى في كتابه من مكارم الأخلاق مما قصه من نبي أو ولي أو حث عليه أو ندب إليه كان صلى الله عليه وسلم متخلقا به.

وكل ما نهى الله تعالى عنه فيه ونزهه، كان صلى الله عليه وسلم لا يحوم حوله، فإن القرآن الكريم نزل للعمل به، لا ليوضع على الرفوف أو يلف في حافظة من ذهب للذكرى أو يعرض في المتاحف بطبعة فاخرة باهرة، وفى ذلك يقول الفضيل رحمه الله إنما نزل القرآن ليُعمل به فاتخذ الناس قراءته عملا، فقيل كيف العمل به؟ قال ليحلوا حلاله، ويحرموا حرامه، ويأتمروا بأوامره، وينتهوا عن نواهيه، ويقفوا عند عجائبه، ولقد اهتم الصحابة بالعمل بالقرآن الكريم أيما اهتمام، ويقول عبدالله بن مسعود رضي الله عنه كنا نتعلم العشر آيات من القرآن فلا ندعها حتى نعمل بها أو فلا نجاوزها إلى غيرها حتى نعمل بها فتعلمنا العلم والعمل جميعا، فالصحابة كان يفقهون آيات القرآن الكريم ويعيشون معه وكانوا يسارعون إلى طاعة أوامر الله عز وجل واجتناب نواهيه.

ولهذا لما نزلت آيات النهي عن شرب الخمر سكب المسلمون ما عندهم من أواني الخمر حتى امتلأت بها سكك المدينة، أي شوارعها وطرقاتها وقالوا انتهينا يا ربنا، وكذلك آيات الحجاب، لما نزلت سارعت نساء الأنصار إلى أثوابهن وجعلن منها حجابا كما أمر الله تعالى، ولكن الفرق بيننا وبين الصحابة الكرام رضي الله عنهم أنهم كانوا يتلقون القرآن للعمل والتنفيذ، أما نحن فللأسف نتلقاه للاستماع والتنغم به في المآتم والحفلات والإعجاب فقط، وقلما يلتزم أحد الآن بواجباته كلها نحو القرآن العظيم، فانظروا كيف تعامل الصحابة الكرام مع القرآن الكريم ؟ وكيف يتعامل معه المسلمون اليوم ؟ فيصور حالنا اليوم في العمل بالقرآن الكريم الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه فيقول” إنا صعب علينا حفظ ألفاظ القرآن، وسهل علينا العمل به.

وإن من بعدنا يسهل عليهم حفظ القرآن ويصعب عليهم العمل به، فكلنا نحفظ القرآن ونسمعه حرفا حرفا ونتفنن في أسئلة الآيات المتماثلات والمتشابهات منه، ولكن هل طبقنا ما فيه من قيم وأخلاق، وحلال وحرام، وأوامر ونواهي؟ فقال القرآن الكريم كما قال عنه المصطفى صلى الله عليه وسلم ” فالقرآن حجة لك أو عليك ” رواه مسلم، ويكون حجة عليك عندما تقرؤه فلا يتجاوز آذانك ولا ينعكس على سلوكياتك وتصرفاتك، وإن الجوانب الإنسانية في القرآن الكريم مهمة جدا لأن القرآن الكريم نزل علي إنسان وهو النبي صلي الله عليه وسلم، وإن الجوانب الإنسانية في القرآن الكريم مهمة جدا لأن القرآن الكريم نزل علي إنسان وهو النبي صلي الله عليه وسلم، وخاطب الإنسان وهم جميع الناس.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى