مقال

وإفعلوا الخير لعلكم تفلحون ” الجزء الثانى

وإفعلوا الخير لعلكم تفلحون ” الجزء الثانى

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الثانى مع وإفعلوا الخير لعلكم تفلحون، وعن جرير بن عبد الله رضي الله عنهما قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلممن سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أجورهم شيء” رواه مسلم، وكان سبب قول النبي صلى الله عليه وسلم أنه دعا الناس يوما للصدقة، فسبق رجل بالصدقة فتبعه الناس، وفي صحيح مسلم أيضا عن أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” من دل على خير فله مثل أجر فاعله” ومن فضل الله تعالى علينا أن الرجل إذا فعل الخير، ولازم عليه فحصل له عارض منعه منه من غير قصد التخلف عنه أجرى الله له عمله على ما كان عليه قبل ذلك العارض ففي صحيح البخاري عن أبي موسى رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل مقيماً صحيحا” وإذا مات المسلم على فعل خير ختم له بخاتمة حسنة يبعث عليها يوم القيامة.

 

وذلك لما في صحيح مسلم عن جابر رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” يبعث كل عبد على ما مات عليه” فكم فيه من ثناء عاطر، وتحضيض ماطر، ويقول عز وجل في وصف الخلص من عباده كما جاء فى سورة المؤمنون ” أولئك يسارعون فى الخيرات وهم لها سابقون”إنها النفوس التي جُبِلت على البر والصلاح، وطبِعت على الجميل والإصلاح، تهفو إلى الخير وتسر بإدراكه ووقوعه، وتأسى للشر وتحزن لرتوعه، شهم على التقوى مضت أيامه، وجميل فعل الخير والإحسان، أليس البر مجمع السرور، وخاضض الفتن والشرور، يُبلغ من الأمجاد قاصيتها، ومن المحامد ناصيتها فلا يصدر إلا عن أريحى كريم، شهم ندب رحيم، تسامى إلى ذرى العاطفة الجياشة المشفقة، والنفس الوجلة المغدقة، ومما يرفو في الأفئدة ما رث من قميء التقاعس ونهج، ويُلهب فيها أسمى الخيول الموشّاة بالبلج قول أم المؤمنين رضي الله عنها ذات الحنان والرّجحان لسيد ولد عدنان صلى الله عليه وسلم. 

 

“كلا والله لا يخزيك الله أبدا، إنك لتصل الرحم، وتحمل الكلّ، وتكسب المعدوم، وتقرى الضيف، وتعين على نوائب الحق” رواه البخارى، وكما ينصحك بذلك نبيك صلى الله عليه وسلم، واترك كتابة الأجر وتقدير الفضل لربك الكريم سبحانه، فقد قال صلى الله عليه وسلم كما في الصحيح “من تصدق بعدل تمرة من كسب طيب، ولا يقبل الله إلا الطيب، فإن الله يقبلها بيمينه ثم يربيها لصاحبها كما يربي أحدكم فلوّه حتى تكون مثل الجبل” ومن فعل الخيرات، ذهابك الى المسجد، ومن فعل الخيرات، الإحسان إلى الإنسان، والإحسان حتى إلى الحيوان، فإن الله لا يضع أجر من أحسن عملا، فقد تقدم خيرا وإحسانا إلى إنسان أو حيوان فيكون سببا في أن يحلّ عليك رضوان الله عز وجل، فقد يعمل المؤمن خيرا يسيرا سهلا لا يظن أنه سيبلغ به المنازل العليا، ولكنه يبلغ به بفضل الله وكرمه، فأنت تغرس شجرات حول بيتك، أو تزرع زرعا في أرضك، فتذكر أن هذا من فعل الخيرات، فيا أيها المسلم، أيها المحبّ لفعل الخيرات إذا توضأت لتصلى. 

 

فوضوءك هذا من عمل الخير الذي له ثمرات قد لا تخطر ببالك وأنت تتوضأ، وخطواتك إلى المسجد، كثرت أم قلت، هي من فعل الخيرات، وستكتب لك، وستجزى بها أجرا وفضلا يوم القيامة، وعلى إثر ظلمات الأَثَرة المتراكمة، والفردية المتلاطمة، والانتهازية المتفاقمة التي أخرست كثيرا من المجتمعات دون صالح العمل، وبلوغ الخير في مدى التفاؤل والأمل، فقد عمدت شريعتنا الغرّاء منذ الأزل إلى خصيصة بلجاء سامقة، منوّهة بشأنها وبتتويجها، وإعلاء صرحها وتدبيجها، بل جعلتها قرينة الإيمان في آي القرآن، خصيصة هي مقصد عظيم من مقاصد الدين، وحصن لليقين والتوكل متين، من استمسك بها استنارت له الظلم، وغدا كالتاج في مفرق للمجد مرتسم، وإن أفصحت فعن روح زكية، وهمّة عليّة، ونفس بالمكرمات رضيّة، تلكم هي الصورة المشرقة، والصفحة المتألقة، المتمثلة في فعل الخيرات، واغتنام البرور والصالحات، فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم “أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس” رواه الطبرانى. 

 

فذلكم هو طريق المجد، وسبيل الرشد والسعد، ومجال العظمة لمن شاء أن يكون نبيلا عظيما، ويحيا ميمونا كريما، وليس من طريف القول ولا تليده بل من تقريره وتأكيده أن الألى داموا في فعل الخيرات ليوثا، وفي إسداء المكارم غيوثا، إنما برهنوا للعالم أجمع أن المجتمع المسلم هو موئل التراحم والتلاطف، والتعاضد والتعاطف، الزاخر بمشارق الصالحات والنبل، ومبارق الإنسانية والفضل، لا يثبطهم عن الحسنات تهويل، ولا ينزع بهم عن المعروف تأويل، وذلك هو الانتماء الصادق لخصائص هذه الأمة ومقومات وجودها، ولفعل الخير أنواع عديدة وضروب، وأخرى فريدة ذات دروب، ومن نبراس النبوة قوله صلى الله عليه وسلم “أفضل الأعمال أن تدخل على أخيك المؤمن سرورا، أو تقضي عنه دينا، أو تطعمه خبزا” رواه البيهقي والحاكم، فيا أيها المسلم كن من الموفقين بإذن الله، وانبعث في الخير وميادينه، وتنسّم شذى رياحينه، مهما تنوّعت ميادينه، وتعددت مجالاته، علمية أو دعوية، إغاثية أو طبية، إنسانية أو عمرانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى