مقال

دنيا ودين ومع المفهوم الأوسع للصدقة ” الجزء التاسع

دنيا ودين ومع المفهوم الأوسع للصدقة ” الجزء التاسع

إعداد محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء التاسع مع المفهوم الأوسع للصدقة، وما يضر المسلم لو عاش في هذه الدنيا فقيرا، فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ” قمت على باب الجنة فكان عامة من دخلها المساكين، وأصحاب محبوسون” وأصحاب الجد، هم أهل الغنى والوجاهة، وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال ” يدخل الفقراء الجنة قبل الأغنياء بنصف يوم وهو خمسمائة عام” فإن الإحسان إلى ضعفاء المسلمين المحتاجين لمن أعظم أسباب النصر على الأعداء، ودفع البلاء عن الأمة، وجلب الرزق، وكشف كرب يوم القيامة، وإن كنتم أهل معاملات تجارية مع الناس في أى نوع يعود عليكم بالمكاسب المباحة فطهروا هذه المكاسب بالتصدق بشيء منها باستمرار، لعل الله أن يخفف عنكم بالصدقة بعض ما يحصل منكم فيها من تقصير، وإن الصدقة تعتبر من أعظم التحديات التي من الممكن أن يقوم بها العبد، لأننا نعرف الحب الشديد للمال، والحرص عليه، وحذرنا نبينا الكريم من التعرض إلى فتنه المال في الكثير من الأحاديث النبوية. 

 

فضل الصدقة تحمينا من فتنة المال، كما أنها تعتبر من الأمانات التي تتواجد عند العباد، والتي لابد أن ينفقونها في سبيل الله، والله تعالى يبارك للذين ينفقون أموالهم في سبيل، ويضاعف لهم الأجر، وعظيم الثواب في الدنيا، كما ذكر في القرآن الكريم أن الحسنات تضاعف إلى عشر أمثالها، والله يقبض، ويبسط، وإليه يرجع جميع العباد، وهناك الكثير من المعايير التي يقاس بها إيمان العبد، ومنها الصدقة، فهي خير دليل، وبرهان على إيمان العبد، وتعتبر مثل جهاده في سبيل الله، كما تكون الصدقة يوم القيامة من سبل النجاة من العذاب الأليم، فالصدقات تضاعف الأجر، والثواب عند الخالق عز وجل، وتأتي يوم القيامة ترفع من قيمة العبد، والصدقة تكفر السيئات، وتزيد من الحسنات، وإن العبد الذي يتصدق يستظل يوم القيامة بظل الخالق عز وجل، وإن الصدقات تزيد من المال، والبركة، والنماء، كما ورد في الأحاديث النبوية، وإن الصدقة تحمي العبد من جميع المصائب، والشرور التي من الممكن أن يتعرض لها.

 

لأنه يبذل المال في سبيل الله، وإن الملائكة يدعون للمتصدقين لإعطائهم الخلف، و يبعد عنهم التلف، والصدقة تزكي نفس العباد، وتطهرها، وتحميهم من البخل، والشح، وتكسبهم الكرم، والجود، ويمكن للعبد أن ينفق على أهله، وأقاربه ذوي الأرحام، والإحسان إليهم، حيث تعتبر الابتسامة من أنواع الصدقات، والشخص الذي يبذل المال في سبيل الله، وفي حماية الأعراض من أهل السوء، والذي يرفع الأذى عن الطريق صدقة، والذي يفشي السلام صدقة، والذى يزور المريض، أو يغيث الملهوف، أو يعين المحتاج، فجميع هذه الأمور تعد من خير الصدقات، وعلى جميع المسلمين أن يكونوا حريصين على البذل، والعطاء، وتقديم الصدقات التي تكون خالصة إلى وجه الله عز وجل، وتقديم الصدقات التي لا يتبعها أي نوع من الأذى، أو الضرر، وأن يراعي خلال تقديم الصدقات أن تكون من المال الحلال، وليست من المال الرديء، أو الطعام الرديء، ولا يتم احتقار الصدقات التي تقدم إلى الآخرين، حتى نحصل على فضل الصدقات. 

 

وتنال الثواب العظيم، والجزاء الجليل، ونرفع من مكانتنا يوم القيامة عند الخالق عز وجل، وإن من فضل الله ورحمته هو تيسير عبادات وأسباب تدفع البلاء قبل وقوعه وبعد وقوعه وهذا من رحمة الله تعالى بعباده وحكمته في خلقه وكونه، والنبي الكريم صلى الله عليه وسلم أمر باستدفاع البلاء بالعبادات والطاعات، كما في حديث الخسوف ” فصلى بالناس ثم خطب الناس، فحمد الله وأثنَى عليه، ثم قال “إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، لا ينخسفانِ لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتم ذلك فادعوا الله، وكبروا، وصلوا، وتصدقوا” رواه البخارى ومسلم، وقال ابن القيم رحمه الله “النبي صلى الله عليه وسلم أمر في الكسوف بالصلاة والعتاقة والمبادرة إلى ذكر الله تعالى والصدقة فإن هذه الأمور تدفع أسباب البلاء” فعلى العبد أن يحرص على العبادات والطاعات التي جاءت النصوص الشرعية بأنها تدفع البلاء وأولها وأولاها توحيد الله تعالى فهو أعظم دافع للبلاء وأسرع مخلص للكروب، وقد فزع نبى الله يونس بن متى عليه السلام إلى الله. 

 

بدعاء التوحيد وإفراد الله بالعبادة وتنزيهه سبحانه واعترافه بالذنب، فنجى من الغم، ومما يستدفع به البلاء هو التوكل على الله وحقيقته صدق الاعتماد على الله وتفويض الأمر إليه، وإن الصلاة دافعة للكروب مزيلة للهموم كاشفة للغموم، والله سبحانه أمر بالاستعانة بها عند حلول المصائب، فقال سبحانه وتعالى ” واستعينوا بالصبر والصلاة” وفى الخسوف قال رسول الله صلى الله عليه وسلم”فإذا رأيتموهما فافزعوا للصلاة”متفق عليه، وفى رواية “فصلوا حتى يفرج الله عنكم” وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر صلى” رواه البخارى، ومما يستدفع به البلاء الصبر، وهو واجب، بأن يحبس نفسه قلبا ولسانا وجوارح عن التسخط، فقال صلى الله عليه وسلم “عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر، فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء، صبر فكان خيرا له” رواه مسلم، ومما يستدفع به البلاء أيضا هو الاستغفار.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى