مقال

نسائم الايمان ومع أول الخلفاء الراشدين ” الجزء الخامس والثلاثون “

نسائم الايمان ومع أول الخلفاء الراشدين ” الجزء الخامس والثلاثون ”

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الخامس والثلاثون مع أول الخلفاء الراشدين، وقد توقفنا عندما قسم خالد بن الوليد جيشه، فجعل على فرقة القلب أبا عبيدة بن الجراح ومعه عكرمة بن أبي جهل والقعقاع بن عمرو، وعلى فرقة الميمنة عمرو بن العاص ومعه شرحبيل بن حسنة، وعلى فرقة الميسرة يزيد بن أبي سفيان، ونزلت الروم الواقوصة قريبا من اليرموك، وصار الوادي خندقا عليهم، وبدأ القتال وحميت الحرب، وتقدمت صفوف الروم فحملت ميسرتهم على ميمنة المسلمين فانكشف قلب الجيش الإسلامي من ناحية الميمنة، واستطاع الروم إحداث ثغرة في صفوف المسلمين والتسلل إلى مؤخرتهم، فثبت المسلمون حتى صدوا الروم، ثم ركبهم الروم فزال المسلمون من الميمنة إلى القلب، وانكشف طائفة من الناس إلى العسكر.

 

وثبت سور من المسلمين عظيم يقاتلون تحت راياتهم، ثم تنادوا فتراجعوا حتى نهنهوا من أمامهم من الروم وأشغلوهم عن اتباع من انكشف من الناس، ثم حملت ميمنة الروم على ميسرة المسلمين حملة شديدة، فانكشف قلب المسلمين من ناحية الميسرة وركب الروم أكتاف من انهزم من المسلمين، وتبعوهم حتى دخلوا معسكر المسلمين، فاستقبلتهم نساء المسلمين بالحجارة وأعمدة الخيام يضربنهم على وجوههم ويقلن لهم، أين عز الإسلام والأمهات والأزواج؟ أين تفرون وتدعوننا للعلوج؟ فإذا زجرنهم خجل أحدهم من نفسه ورجع إلى القتال، وقتلوا من الروم خلقا كثيرا، وحاولت ميسرة الروم مرة أخرى شن الهجوم على ميمنة المسلمين، فشدوا على عمرو بن العاص وجنده في محاولة اختراق الصفوف.

 

لكي يطوقوهم، وقاتل عمرو بن العاص وجنده عن مواضعهم، إلا أن الروم تمكنوا من دخول معسكرهم، ونزلت المسلمات من التل وأخذن يضربن وجوه الرجال المراجعين، وبذلك ارتدت إلى المسلمين عزائمهم، ودخلوا للقتال مرة أخرى، وحمل المسلمون على الروم من جديد، حتى أزاحوهم عن المواضع التي كسبوها، وقد حمل خالد بمن معه من الخيالة على الميسرة التي حملت على ميمنة المسلمين فأزالوهم إلى القلب، فقتل من الروم في حملته هذه ستة آلاف، ثم اعترضهم فحمل بمائة فارس معه على نحو من مائة ألف، فما وصل إليهم حتى انقض جميعهم، وحمل المسلمون عليهم حملة رجل واحد فانكشفوا، وتبعهم المسلمون لا يمتنعون منهم، وقامت ميمنة المسلمين بإغلاق المنافذ والثغرات في وجوه الروم.

 

وحصروا بين وادي اليرموك ونهر الزرقاء، واستطاع المسلمون أن يفصلوا فرسان الروم عن مشاتهم، فحملوا على الروم وركبوا أكتافهم حتى أرهقوهم، وبذلك أراد فرسان الروم مخرجا لهم للفرار منه، فأمر خالد بن الوليد، القائد عمرو بن العاص بفسح المجال لهم ففعل ذلك وهرب فرسان الروم، وبذلك تحرك مشاة الروم دون غطاء من خيالتهم، فجاء المشاة إلى الخنادق وهم مقيدون بالسلاسل، وجاءهم المسلمون إلى خندقهم في ظلال الليل، وأخذ معظم مشاة الروم ينهارون بالوادى، فإذا منهم شخص قتل سقط معه جميع الذين كانوا مقيدين معه، وقَتل منهم المسلمون في هذه المرحلة خلقا كثيرا وقد قدر عددهم بمائة وعشرين ألفا، والناجون منهم قد انسحب قسم منهم إلى فحل، والقسم الآخر إلى دمشق داخل بلاد الشام.

 

وقتل أحد قادة الروم وهو تذارق، وكان له ثلاثون سرادقا وثلاثون رواقا من ديباج بما فيها من الفرش والحرير، فلما كان الصباح حاز المسلمون ما كان هنالك من الغنائم، وكان عدد قتلى المسلمين ثلاثةَ آلاف منهم عكرمة بن أبي جهل، وابنه عمرو، وسلمة بن هشام، وعمرو بن سعيد، وأبان بن سعيد، وكان عدد قتلى الروم مائة وعشرين ألفا، منهم ثمانون ألفا مقيدون بالسلاسل وأربعون ألفا مطلقون سقطوا جميعهم في الوادي، وفي شهر جمادى الآخرة فى السنة الثالثة عشر من الهجرة، مرض الخليفة أبو بكر الصديق، واشتد به المرض، فلما ثقل واستبان له من نفسه، جمع الناس إليه فقال “إنه قد نزل بي ما قد ترون، ولا أظنني إلا ميتا لما بي، وقد أطلق الله أيمانكم من بيعتي وحل عنكم عقدتي، ورد عليكم أمركم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى