مقال

نسائم الايمان ومع التفوق العلمى وأثره فى تقدم الأمم ” الجزء السادس عشر”

نسائم الايمان ومع التفوق العلمى وأثره فى تقدم الأمم ” الجزء السادس عشر”

إعداد / محمــــد الدكــــرورى

 

ونكمل الجزء السادس عشر مع التفوق العلمى وأثره فى تقدم الأمم، وإن من فضائل العلم وبركاتة أن القرآن الكريم لم يقبل مجرد المقارنة بين أهل العلم وفاقديه على الإطلاق وعد ذلك قياسا مرفوضا، وبالعلم يُعبد الله على بصيرة وتقى ويقضى الناس في الدنيا مآربهم على ضياء من أحكام الشرع الكريم، وبالعلمِ يقيمون مراسيم حياتهم في زواج أو تجارة أو جيرة أو شراكة بحيث يعرف كل منهم ماله وما عليه، وقبل هذا كله فالعلم هو طريق المعرفة للاعتقاد في رب الأرباب سبحانه وتعالى، ولاهتمام الإسلام بالعلم فقد جاءت أول آيات القرآن أمرا بالقراءة والتعلم، وأقسم الله تعالى بالقلم وهو من أدوات العلم وذلك لبيان فضله وعلو رتبته، ولفضل العلم وكرامته.

 

فقد طلب سيدنا موسى عليه السلام من العبد الصالح صحبته لغرض التعلم، ولم يجعل كليم الله عليه السلام لنفسه في الطلب رتبة لما جعل نفسه تابعا وذلك التلطف مع نكران الذات لأجل التعلم، وأخبر الله تعالى أنه آتى كليمه موسى عليه السلام نور العلم، وزين الله تعالى به نبيه الكريم بن الكريم يوسف بن يعقوب عليهما السلام، وأخبر في معرض المن بالفضل على نبيه الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، ولهذا لم يؤمر النبي الكريم صلى الله عليه وسلم بطلب الزيادة في شيء كالعلم، ولفضل العلم في حياة الخلق نجد أنه لا يحمله إلا كرام الناس وأهل الأمانة، ومن فضل العلم أنه هداية للصراط المستقيم الذي لا عوج فيه، وأهل العلم هم أهل البصائر يرون ما يراه الناس.

 

وأهل العلم أيضا هم أهل الخشية من الله تعالى، وهم كذلك أهل الشهادة مع مولاهم والملائكة الكرام، وهم أيضا أهل الخيرية كما قال النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، وطريق طلاب العلم هو طريق الجنة ونعيمها في الدنيا والآخرة ومع ذلك فإن مجالس العلم مظنات السكينة والرحمة وتنزلات الملائكة، ولا شك أن أثر الجهل في حياة الخلق مميت ماديا ومعنويا، ومن المواقف التي تبين ذلك ما حدث على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد يدمر المرء عبادته بجهله إذا لم يركن إلى العلم الذي يحفظ عليه دينه، ولهذا جاءت الوصايا بالتعلم، والأمة الجاهله تضيع مجدها وتزري بقيمتها بين الأمم، ومهما حقق الناس والأمم والأفراد من مرابح دنيوية في جوانب المال.

 

والمناصب والنفوذ والصيت الاجتماعي مع فقد العلم الذي يكسب الأدب والود الصادق مع أفراد المجتمع فإن هذا المجد الكذوب يؤذن على الدوام بوداع، والمسألة تعتمد على الوقت في بيان هذه الحقيقة، والفرد الجاهل تابع على الدوام لترهات عقله أو نقص تفكيره أو هوى نفسه، ما يكاد يستوى قائما من بلوى حتى يقع في غيرها لأنه لا يعيش حياته على هدى ولا بصيرة، وتخيل الشخص الجاهل والذي يمثل جراب المال المنتفخ في منطقه وسكوته وأفراحه وأتراحه ورضاه وغضبه، تجده عورة مجتمعية يتمنى الجميع أن يسترها الله، وقد قامت دول من عثرتها على أعمدة العلم والتخطيط له ورصد الميزانيات الكبيرة لنهضة التعليم فكان لها الشأن الأكبر بين دول العالم.

 

بينما هناك دول كاملة ولديها وفرة متكاثرة في المال ولكنها فقدت بريقها العالمي بسبب الإهمال للتعليم والانجراف نحو مجالات أخرى، وقد استعاذ نبي الله موسى عليه السلام بربه أن يكون منعوتا بالجهل، ومن صفات أهل الصلاح أنهم لا يختلطون مع الجاهلين، وأهل العلم به يهتدون وأهل الجهل فاقدون لهذه الهداية، إن الأسس التي تبنى عليها الحياة المثالية الصحيحة كثيرة ومتعددة، إلا أن هذه الأسس منها ما هو مهم، ومنها ما هو أهم، ويمكن القول إن العلم أساس مهم من هذه الأسس، ولكن الأساس الأهم والركن الأعلى رتبة هو الأخلاق، فهي التي تتربع على عرش كل الأسس إذ تطل كملكة بين كل المبادئ الأخرى، وكلما كانت الأخلاق سوية صحيحة، كلما ارتقت باقي الأسس إلى الأعالي، والعكس بالعكس.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى