مقال

نسائم الايمان ومع المدينة المنورة ” الجزء التاسع عشر “

نسائم الايمان ومع المدينة المنورة ” الجزء التاسع عشر ”

إعداد/ محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء التاسع عشر مع المدينة المنورة، وقد توفنا مع الخليفة الراشد أبو بكر الصديق، فقد كان خير الناس بعد رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم فوضع الأسس التي سوف تسير عليها الدولة، وذهبت بعده إلى الخليفة عمر بن الخطاب فعثمان بن عفان، ثم الإمام علي بن أبي طالب، ودولة الخلافة الراشدة هي أول دولة قامت بعد رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم وهي الدولة الوحيدة التي كان فيها الحكم بالشورى وليس بالوراثة واشتهر جميعهم بالتواضع والزهد ولم يستغلوا أماكنهم ومكانتهم في الترويح عن النفس وإمتاعها، وكانت بداية الخلافة الراشدة بأبي بكر الصديق فقد بويع من الجميع دون استثناء، مع أنه لم يُرشح نفسه للخلافة كحال باقي الخلفاء.

 

فما يجمعهم أنهم لم يرشحوا أنفسهم بل تم تعيينهم ومبايعتهم، وهذه دليل على أن الرياسة في عهدهم كانت تكليفا وليس تشريفا، وعندما استلم أبو بكر الصديق الخلافة بدأ بتنفيذ أمر الرسول صلى الله عليه وسلم، بإرسال جيش أسامة، وأعد الكثير من الحملات العسكرية، وتم في عهده دفع الفدية من الفرس ليعيشوا بسلام دون حرب، وحارب المرتدين، وجمع الصحف، وفي العام الثالث عشر من الهجرة مرض أبو بكر ومات وقد وصّى بالخلافة لعمر بن الخطاب، وانتقلت الخلافة إلى عمر بن الخطاب وتوالت الفتوحات بعدها، فأكمل مسيرة فتح بلاد الشام ومصر والعراق، وتم في عهده فتح بيت المقدس فاستلمها بنفسه وصلى بالمسلمين إماما، وأنشأ المدن الجديدة.

 

كالكوفة والفسطاط، وعلى صعيد الدولة نفسها أنشأ الدواوين ووضع نظام للقضاء، وأسس بيت مال للمسلمين، واهتم بالزراعة وتمهيد الطرق، وأنشأ التقويم الهجري ليبدأ العمل به في عهده رضي الله عنه إلى يومنا هذا، وكما رفض عمر بن الخطاب أن يرشح أحدا للخلافة بعده فقال اختاروه من بينكم، وبعد المشاورة والأخذ بآراء الناس وقع الإختيار على عثمان بن عفان رضي الله عنه، لكن بعد انتشار خبر وفاة الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه بدأت الأقاليم المفتوحة بنقض العهود واحدا تلو الآخر، فجهز عثمان بن عفان جيشا لإعادة فتحها من جديد، وأمر بتوسيع المسجد النبوي والحرم المكي، وتم في عهده إنشاء أول بحرية إسلامية.

 

وقد كان النصف الأول من خلافة عثمان بن عفان يسير على ما يرام، حتى عمّت الفوضى والاضرابات حتى نهاية عهده وعهد الخلافة الراشدة خصوصا بعد مقتل ابنة أبي لؤلؤة على يد عبد الله بن عمر ثأرا لوالده، وبسبب انتقال المدينة من حال الفقر إلى الترف وتنصيب عثمان لأقربائه في مناصب الدولة القريبة بدأ الناس يثورون عليه حتى قتل في بيته في عام خمسة وثلاثون للهجرة، أما آخر خليفة حكم دولة الخلافة الراشدة فقد كان الإمام علي بن أبي طالب ابن عم الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم فقد بدأت خلافته بالاضرابات والمطالبات بالثأر من قتلة الخليفة الراشد عثمان بن عفان، بمحو آثار الجاهلية، حيث أرسل الهيّاج الأسدي لطمس التماثيل.

 

وتسوية القبور لمنع الناس من التقرب للقبور، وبنى سجنا وسماه نافعا، وأبقى القضاء كما كان في سابق عهده، وتوفي رضي الله عنه سنة أربعين للهجرة، ومع انتهاء حكم الإمام علي بن أبي طالب تنتهي دولة الخلافة الراشدة، وإن الخلافة الإسلامية هي جمع الأمة على أمر واحد ورأي واحد وذلك بترئيس خليفة لهم يُجمعوا عليه، يقودهم ويتولى أمرهم في شؤون حياتهم الدينية والدنيوية، وعليه تحمل المسؤولية كاملة في الدعوة إلى الله عز وجل ورعاية الناس وحفظ دينهم وأمور دنياهم، فالخلافة في الاصطلاح الإسلامي تعني القيادة الإسلامية وسميت خلافة لأن الذي يتولاها يخلف الرسول صلى الله عليه وسلم في قيادة الناس وإدارة شؤونهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى