مقال

نفحات إيمانية ومع وليالٍ عشر ” الجزء الخامس”

نفحات إيمانية ومع وليالٍ عشر ” الجزء الخامس”

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الخامس مع وليالٍ عشر، وتوقفنا عند أفضل الأعمال فى عشر ذى الحجة وإن منها الأذكار بعد الصلاة، فعن أبي هريرة رضي الله عنه “أن فقراء المهاجرين أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا ذهب أهل الدثور بالدرجات العلى والنعيم المقيم فقال وما ذاك؟ قالوا يصلون كما نصلي ويصومون كما نصوم ويتصدقون ولا نتصدق ويعتقون ولا نعتق، ولهم فضول أموالهم يحجون ويعتمرون، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أفلا أعلمكم شيئا تدركون به من سبقكم وتسبقون به من بعدكم ولا يكون أحد أفضل منكم إلا من صنع مثل ما صنعتم؟ قالوا بلى يا رسول الله، قال تسبحون وتكبرون وتحمدون دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين مرة.

 

فرجع فقراء المهاجرين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا سمع إخواننا أهل الأموال بما فعلنا ففعلوا مثله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك فضل الله يؤته من يشاء” رواه مسلم، وأيضا من تلك الأعمال الصالحات هى في رمضان، فعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لامرأة من الأنصار يقال لها أم سنان “ما منعك أن تكوني حججت معنا؟ قالت ناضحان كان لأبي فلان تعنى زوجها حج هو وابنه على أحدهما، وكان الآخر يسقي عليه غلامنا، فقال صلى الله عليه وسلم “فعمرة في رمضان تقضي حجة، أو حجة معى” رواه مسلم، ومعنى الناضح هو الجمل، وإن من الأعمال الصالحات هو بر الوالدين.

 

فقيل أن رجلا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال إني أشتهي الجهاد ولا أقدر عليه، فقال صلى الله عليه وسلم “هل بقي من والديك أحد؟ قال أمي، قال قابل الله في برها، فإن فعلت فأنت حاج ومعتمر ومجاهد” وكذلك أيضا فإن من الأعمال الصالحات هو صدق النية مع الله، فعن أبي كبشة الأنماري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال “إنما الدنيا لأربعة نفر عبد رزقه الله مالا وعلما فهو يتقي فيه ربه ويصل رحمه ويعمل لله فيه بحقه فهذا بأفضل المنازل، وعبد رزقه الله علما ولم يرزقه مالا فهو صادق النية ويقول لو أن لي مالا لعملت بعمل فلان فأجرهما سواء، وعبد رزقه الله مالا ولم يرزقه علما فهو يتخبط في ماله بغير علم لا يتقي فيه ربه.

 

ولا يصل فيه رحمه ولا يعمل فيه بحق فهذا بأخبث المنازل، وعبد لم يرزقه الله مالا ولا علما فهو يقول لو أن لي مالا لعملت فيه بعمل فلان فهو ونيته فوزرهما سواء” رواه الترمذى، فإن نية العبد خير من عمله ، فقد يحج ولا يقبل منه لسوء نيته، وقد لا يحج ويكتب له أجر حجة وعمرة تامتين تامتين لصدق نيته، لذلك جاء أول حديث في البخارى “إنما الأعمال بالنيات” فإذا كان الحج قد فاتك فإن أفعال الخير لا تفوتك فتلحق بركب الحجيج، وما أجمل مقولة أحد السلف “من فاته في هذا العام القيام بعرفة فليقم لله بحقه الذي عَرفه، ومن عجز عن المبيت بمزدلفة، فليبيّت عزمه على طاعة الله وقد قرّبه وأزلفه، ومن لم يقدر على نحر هديه بمنى فليذبح هواه هنا وقد بلغ المُنى.

 

ومن لم يصل إلى البيت لأنه منه بعيد فليقصد رب البيت فإنه أقرب إليه من حبل الوريد، فإن المشكلة تكمن في عدم معرفة قيمة الوقت، الوقت سريع التقضي، فإنه أبي التأتي، لا يرجع مطلقا، والعاقل هو الذي يفعل ما يغتنم به وقته، قال بعض أهل العلم ينبغي للإنسان أن يعرف شرف زمانه، وقدر وقته، فلا يضيع منه لحظة في غير قربة، ثم ليس فقط انتهاز العمر بالطاعات، واغتنام الأوقات بالعبادات، وإنما يقدم الأفضل فالأفضل من القول والعمل، وهذه مسألة تحتاج إلى فقه، اغتنام الوقت في أفضل ما يمكن تحتاج إلى فقه، وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال، قال النبي صلى الله عليه وسلم “نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ ” رواه البخارى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى