غير مصنف

نفحات إيمانية ومع السعادة الحقيقية ” الجزء الرابع “

نفحات إيمانية ومع السعادة الحقيقية ” الجزء الرابع ”

إعداد/ محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الرابع مع السعادة الحقيقية، وإن هناك من يرون أن الأعمال الخيرية والتطوعية التي يقومون بها هي غاية سعادتهم لأنهم يرون أن سعادتهم تنبع من سعادة الآخرين فابتسامة من طفل صغير، أو نظرة امتنان من شيخ كبير، أو دعوة صادقة من قلب امرأة ضعيفة تساوي لديهم الدنيا وما فيها من النعيم والخيرات، وهذا النموذج يعتبر أحد النماذج التي ترى أن السعادة الحقيقية هي السعادة الأخروية، فهم على قناعة تامة ويقين جازم أن الدنيا فانية، ولن يبقى للإنسان سوى عمله الصالح الذي عمله، أما النماذج السابقة فإنها تعتبر من النماذج التي ترى أن السعادة الحقيقية هي السعادة الدنيوية بحيث يعيش هؤلاء ليستمتعوا بالدنيا وما فيها.

 

متناسين أن هناك حياة أخروية وهناك جزاء وحساب على أعمالهم التي عملوها في الدنيا، باعتقاد أن السعادة الحقة تكمن في ثلاثة أمور هي طاعة الله، وراحة البال، والقناعة، فنحن حينما نستشعر رقابة الله تعالى لنا في كل لحظة، ونحاول بشتى جهودنا أن نطيعه في كل ما يصدر عنا من أقوال أو أعمال، حينها سنشعر بالراحة والسكينة تملأ نفوسنا، فنسعد بحياتنا ونهنأ بعيشنا لأن الله تعالى سيكون معنا في كل لحظة وفي كل خطوة نخطوها، وراحة البال تجعل الإنسان يشعر بالاستقرار والهدوء النفسي، ويعيش بعيدا عن التوتر والقلق الذي يصاحب الحياة الآن بإيقاعها المتسارع الذي يسرق الوقت والراحة من البشر بسبب سعيهم المحموم وراء المادة.

 

أو لافتقادهم الإحساس بالأمان، أما قديما كان الإنسان ينعم بالنوم الهانئ، فينام مرتاح البال لأنه لم يظلم فلان، أو يسرق جهد فلان، أو يرتكب أى إثم أو معصية كما يحدث في زماننا هذا، أما القناعة وهي أن يؤمن الإنسان بما قسمه الله له من الرزق، بحيث يكتفي بما عنده دون أن يكون بحاجة إلى النظر لما في أيدي الآخرين، ولكن هذا لا يعني أن يكون الإنسان زاهدا في دنياه فيتجرد من كل شيء، ولا يعمل من أجل حياة أفضل، بل إن عليه أن يسعى ويتوكل على الله تعالى حتى يحقق أحلامه في الدنيا وسعادته في الآخرة، وإذا أصبح العبد وليس همه إلا رضا الله وحده، تحمل الله سبحانه وتعالى عنه حوائجه كلها، وفرج له كل ما أهمه، وفرغ قلبه لمحبته، ولسانه لذكره.

 

وجوارحه لطاعته، وحقيقة السعادة ومدارها في طاعة الله تعالى، والإيمان به، وإتباع هدي النبي صلى الله عليه وسلم، فعن أبي ذر رضى الله عنه أنه قال “أمرني خليلي صلى الله عليه وسلم بسبع، أمرني بحب المساكين والدنو منهم، وأمرني أن أنظر إلى من هو دوني ولا أنظر إلى من هو فوقي، وأمرني أن أصل الرحم وإن أدبرت، وأمرني أن لا أسأل أحدا شيئا، وأمرني أن أقول الحق وإن كان مرا، وأمرني أن لا أخاف في الله لومة لائم، وأمرني أن أكثر من قول لا حول ولا قوة إلا بالله فإنهن من كنز تحت العرش” رواه أحمد، ولا زال يبحث الإنسان منذ القدم عن السعادة، ويتحرى طرقها وكيفية تحقيقها، ويبذل كل وسعه في ذلك، ساعيا بكل ما لديه من عقل وفكر.

 

ومادة لإيجادها، لكنها تبقى سرا لم يدرك ماهيته إلا القليل فهي شعور داخلي يشعر به الإنسان ليمنحه راحة النفس، والضمير، وانشراح الصدر، وطمأنينة القلب، حيث تكمن مشكلة الإنسان الأساسية مع السعادة التي يعانيها منذ الأزل بكونه لا يعلم أدوات تحقيقها، فيحاول أن يجرّب المادة والأمور المادية الملموسة ليصل للسعادة فتجده لا يصل، ولكن ما هي السعادة؟ وأين تكمن؟ وهل هي قرار أم قدر محتوم؟ وما نظرة الإسلام لها؟ وهو إن مفهوم السعادة يختلف من شخص لآخر، وقد اختلف في تعريفها الفلاسفة كذلك إذ إنها مصطلح نسبي، فقد يسعد الإنسان شيء يعد لدى غيره عاديا، ويود الجميع لو يصبحون سعداء، وحين تسألهم ما معنى السعادة؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى