مقال

قلب يحتضر .. بقلم هناء الأنور

قلب يحتضر .. بقلم هناء الأنور
وسط زحام الحياة، وآلام البشر، وسط دموع القلب التي لا يراها أحد، ولا يشعر بها من حولك، وسط ظلام دامس عاش به القلب سنوات من العمر.

استيقظ القلب ذات يوم على شعاع نور، يضيء من بعيد، رأي الظلام تحول إلى نور وهاج، ينبعث منه الأمل والحياة.

اتجه القلب نحو هذا الطريق؛ ليخطو أولى خطوات السعادة، التي تمناها منذ أمد بعيد.

سلك طريقا مليء بالبساتين، شعر بأنه يعيش في جنة الحب والعشق، كان محبوبه يمسك بيديه، ويعبر معه كل الطرق.

وعندما يعترضهم شيء أثناء سيرهم، كانوا يتسلقون من عليه ويثابرون سويا، وبداخلهم يقين بأنهم يستطيعون أن يتحدوا كل الصعاب التي تعترض ذاك الطريق.

تمتعوا سويا بجنة الحب التي شيدوها لأنفسهم؛ ليكملوا بقية حياتهم بها، وتعاهدوا أن يعيشوا معا ما تبقى من عمرهم، في حب وعشق وسعادة، قررا أن يعوضا سنوات السعادة التي حُرموا منها، كان كلا منهما يكمل الآخر، يتسابق في إسعاد شريك حياته.

عاشا معا أجمل أيام حياتهما، كانت ضحكاتهما تملأ المكان، كانت السعادة تملأ قلبهما، لم يشعر أحد منهما بالضياع والوحدة إلا وقت غياب الآخر.

كانت تنتظر قدومه من العمل بلهفة، لم تشعر بالأمان إلا عندما تراه أمامها وتسمع نبرات صوته.

كانت طفلته المدللة، وكان هو أيضا طفلها المدلل، أيام مرت وشهور انقضت، والسعادة تملأ حياتهما.

إلى أن جاءت لحظة الصمت التي أوشكت على قتل ما بداخلهما، وكأنهما يبدآن من جديد، تسببت بعض الخلافات بينهما، للحظات صمت مرت وكأنها عمر طويل.

شعرا كلا منهما خلالها بشعور مرير، تملكها القلق من ذاك الصمت الرهيب الذي شعرت من خلاله بتوقف دقات قلبها، انتفض ذاك القلب بداخلها.

كانت نبضات قلبها مسرعة وكأنها تتسابق لتنهي حياتها، أصبحت في حالة شرود، حاولت أن تحكي له ما تشعر به من ألم .. من اختناق، لكنها لم تستطع.

كانت تتنفس بصعوبة، وكأن يدا تختنقها، كأن شيئا يضغط على أنفاسها لتنهي حياتها، لكنه لم يشعر بما تمر به في تلك اللحظات، لم يسمع أنين قلبها عندما كان يحتضر.

ولكنها كانت تقام ذاك الشعور، كانت تحاول في ذلك الوقت تذكر أوقات السعادة بينهما، حتى تستطيع أن تستعيد أنفاسها من جديد.

تذكرت ضحكاتهما سويا، وتذكرت أيضا تلك العيون التي ترى بداخلهما الحنان، تخيلت أنها تمد إليه يداها في تلك اللحظات التي يحتضر بها قلبها، ليأخذ بها إلى الحياة من جديد، حاولت أن تستعيد تلك الأنفاس الأخيرة.

لكن صمته كان يقتلها ببطء، وعدم شعوره بما هي تمر به في تلك اللحظات كانت تضغط على أنفاسها لتموت.

قاومت ذاك الشعور المخيف، الذي ما تمنت يوما أن يحدث لها، إلى أن بدأت تتماسك رويدا رويدا، واستطاعت أن تلتقط أنفاسها من خلال ما تذكرته من لحظات سعادة كانت بينهما.

وعندما أفاقت واستطاعت أن تلتقط أنفاسها، وجدته أغلق الحوار وأنهى حديثا لم يكتمل، نادته بصوت خافت لم تستطع أن يعلو صوتها لتسمعه ما تريد، لكنه لم يسمع ندائها.

فحاولت أن تعيده إليها، لكنه لم يتقبل ما تفعله من أجل بقاء حياتهما، بل تركها وهي في أشد الاحتياج إليه، وابتعد عنها.

عاودت الاستسلام لما كانت تمر به منذ لحظات، انتابها شعور بالاختناق، وعدم القدرة على الحركة، فرقدت وكأنها تنتظر الموت، فلم يعد لديها شيء لتحيا من أجله.

لم تعد للحياة لذة دون حبيبها، سالت دموعها وتساقطت على وسادتها، دون أن يشعر بها أحد، ولكن مع كل هذا الشعور كان عندها أمل أن يعود، كانت تظن أنه لن يتركها وحيدة في تلك الحالة، انتظرت عودته ليأخذها بين ذراعيه، ويشعرها بالأمان.

حاولت أن تفتح عينيها رغم غزارة الدموع التي تملأها، كانت تنظر من بعيد وكأنها تراه يعود إليها، ولكن لم يحدث فقد تركها، دون أن يدري ما تمر به من شعور بالموت، لم يسمع أنين قلبها، وتركه يحتضر دون رأفة منه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى