محافظات

السجن افضل من القصر

السجن افضل من القصر

 

كتب نورين محمود

 

 الاحداث كانك تعيشها و تراها – كيف تم التحقيق فيها لاثبات براءة النبي يوسف عليه السلام

 

ان ما وقع فعلا هو مختلف عن فهمنا العادي للقصة

و هو ان امراة العزيز قامت بغلق الابواب لتختلي بيوسف و تقوم بمراودته عن نفسه ثم يمتنع يوسف عنها و يهرب منها و من اغواءها له بارتكاب الفاحشة في حين تلحق هي به كي تمنعه من المغادرة لتستمر في اغواءه اكثر و تجعله يستسلم لها و عندما بلغا باب الخروج من الغرفة التي هما فيها وجدا العزيز

فتتهم زوجته يوسف بانه اراد بها الفاحشة و ينفي يوسف تهمتها و يتهمها هي بمراودته و يظهر شاهد من اهلها فيدلي بطريقة لمعرفة ان كان ايهما المذنب يقول ان كان قميصه قد اي تقطع من دبر اي من الخلف فيوسف هو الصادق في اتهامه لها و ان كان التقطع في قميصه جهة الامام فهي الصادقة في اتهامها له

 

لكن فهم القصة على نحو ذلك هو امر غير معقول و لا يمكننا تخيل ان الاحداث جرت هكذا

 

ثم كيف يكون تقطع القميص من الخلف دليل قاطع على ادانة زوجة العزيز بالتهمة المنسوبة اليها من يوسف ؟

 

لاحظ اولا ان العزيز لما فتح الباب عليهما وجد يوسف اولا و خلفه كانت تجري امراته مما يشير بوضوح الى ان يوسف هو البريء فهو لم يجري خلفها على انها هاربة من يوسف المتهجم عليها في زعمها فواضح ان يوسف هو الهارب من تهجمها عليه

 

لذلك تفطنت امراة العزيز الماكرة لحيلة سريعة للتخلص من ذلك الموقف الذي يدينها و ادعت بانها كانت تريد الامساك به كي لا يفر فينجو من العقاب و تظاهرت بالغضب و انها تود الحاق العقاب العاجل بيوسف لتطفئ غضبها

 

لذلك قالت لما رات زوجها ما جزاء من اراد باهلك سوءا الا ان يسجن او عذاب اليم

 

و هكذا تخلصت من ذلك الموقف بسرعة

 

و على ذلك فان تقطيع قميص يوسف من الخلف سيكون حجة لها لا عليها

 

و لا ادري كيف سيكون تقطيع القميص حجة لها ان كان من امام القميص لانها اذا دفعته عنها لا يلزم منه ان يتقطع قميصه من الامام

 

ثم ان صيغة الشك في مكان تقطع القميص لا مبرر لها في فهمنا العادي لان القميص حاضر و لابد ان التقطيع من خلف القميص فلماذا يقال ان كان كذا فهو كذا و ان كان كذا فهو كذا اليس القميص ظاهر و واضح فيه مكان التقطيع من الخلف لا الامام

 

اذن دعونا نسرد القصة بشكل منطقي و هو ما جرى حقيقة و كلمات القران تتيح لنا الغوص في اعماق القصة فيه حتى نكون قريبين من احداثها جدا

 

نعم فكل كلمة لها معنى لاحظ مثلا قوله تعالى عن امراة العزيز انها غلقت الابواب و ليس اغلقت الابواب و لاحظ قول العزيز انه من كيدكن و لم يقل انه من كيدك اي موجها ذلك لزوجته فقط لان معها شريكات من جواريها و المراودة جرى تدبيرها و هل تظن انها لو اغلفت الابواب بنفسها ان ذلك سيتيح لها فرصةمراودة يوسف الذي سيتفطن لها و يتجنبها و لن يدعها حتى تقول له هيت لك

 

لقد اغرمت زوجة العزيز بيوسف و جماله و هو قد شب و سولت لها نفسها ان تخالطه مخالطة المراة للرجل و تنال منه مبتغاها و في يوم اتفقت مع بعض جواريها انها ستوقع به و تختلي به بل لعل منهن من زادها اغراءا بذلك و هن يرين اعجابها به لم يعد ذلك امرا تسره و ستعلنه و تخرجه الى النور

 

تظارهت بطلب يوسف لحاجة عندها و قد امرت جواريها بان يغلقوا عليهما الابواب خفية عن يوسف و هما بالداخل و لعل هذا هو الفرق بين اغلقت و غلقت فالفعل اغلقت اي باشرت اغلاق الابواب بنفسها و اما الفعل غلقت بالتشديد اي انها كلفت غيرها باغلاقها غلقت اي جعلت الابواب تغلق

 

و بعدها قالت ليوسف ( هيت لك ) و هذه الجملة قيل معناها هلم لك او تهيات لك او اقبل الخ

 

و قال بعض المتاخرين انها جملة من لغة المصريين القدماء و معناها هو تعريت لك او اريد معاشرتك حسب معجم اللغة المصرية القديمة فالله اعلم بذلك

 

المهم ان معناها انها تعرض نفسها عليه ليباشر الفاحشة معها

 

بل انها ارتمت في حضنه و هي تضمه اليها و هنا عرف يوسف بنيتها السيئة

 

فاستعاذ بالله مما تدعوه اليه و ذكر الله لعلها تخشى لكنها ازدادت اصرارا و هي تطوقه بذراعيها حاول الامتناع من قبضتها

 

لكن كلتا يديها تشدانه من ظهره بقوة كلما اراد التملص منها فازادت رغبتها وحشية و انشبت عن اظافرها من خلفه و خدشته من خلف قميصه لكن ذلك لم يستمر اذ تمكن يوسف من الافلات من بين ذراعيها ليتجه صوب الباب و يخرج و ينجو من فعل الخيانة و فعل الفاحشة مع زوجة من اكرمه و احسن اليه

 

لحقت امراة العزيز بيوسف مهرولة وراءه كي تمسك به لتستمر في اغراءه ثانية

 

و ما ان وصل يوسف الباب و هي لا تزال تجري وراءه هنا فتح العزيز عليها الباب ليرى ما يرى و يتساءل عما راى

 

و قبل ان يسال يوسف الذي لقيه عند الباب اولا سارعت زوجته للتظاهر امامه بانها تعرضت لاعتداء على شرفها من يوسف و انها تريد امساكه حتى لا يفر و ينجو من عقابها الذي ستنزله عليه

 

لقد كان موقف زوجة العزيز صعبا لانها هي من كان يجري خلف يوسف اذ يفترض بها ان تكون هي الهاربة من اعتداءه على زعمها لكن الظاهر هو ان يوسف هو من كان يهرب منها

 

فتظارهت بانها جرت خلفه كي تمسك به و ابدت الغضب و تظاهرت بالصراخ لمن حولها و لزوجها عندما ظهر لها بان يمسكوا بيوسف و لا يدعوه يهرب من القصر حتى ينال جزاء اساءته لاهل العزيز

 

و انه راودها عن نفسها

 

لكن يوسف وقف موقف المدافع عن نفسه و قال هي التي راودتني عن نفسي لا انا و قد قامت احتضاني فامتنعت منها و لما لم تدعي دفعتها عني و هربت الى الخارج

 

لقد اعتمد يوسف على حجة ظاهرة في انها ارادت مراودته كونها احتضنته و هذا التصرف منها دليل على انها تريد فعل الفاحشة معه

 

و يبدو ان احدا ما في القصر وشى بامراة العزيز لذلك حضر زوجها الى المكان في ذلك الظرف و لابد انها كانت تحرت وقت يكون فيه غائبا و لا يعود فيه الى البيت لكن عودته تلك المفاجئة تدل بان احدا اخبر العزيز و حدث مراودتها لم يدم طويلا و لعل الذي سعى لجلب العزيز هو احد ممن يناصر يوسف ضد سوء عمل امراة العزيز به فاراد منعها من اغواءه وفي النهاية ظهر الحقالسجن افضل من القصر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى