مقال

نفحات إيمانية ومع العاشر من محرم “الجزء الثانى “

نفحات إيمانية ومع العاشر من محرم “الجزء الثانى ”

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الثانى مع العاشر من محرم، وعن ابن عباس رضي الله عنهما، قال قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة، فرأى اليهود تصوم يوم عاشوراء، فقال ما هذا؟ قالوا هذا يوم صالح، هذا يوم نجّى الله بني إسرائيل من عدوهم فصامه موسى، قال صلى الله عليه وسلم “فأنا أحق بموسى منكم، فصامه، وأمر أصحابه بصيامه” رواه البخاري، وفي رواية مسلم قال النبى صلى الله عليه وسلم “هذا يوم عظيم أنجى الله فيه موسى وقومه، وأغرق فرعون وقومه، فصامه موسى شكرا لله تعالى فنحن نصومه” رواه الإمام أحمد، وزاد فيه “وهو اليوم الذي استوت فيه السفينة على الجودي، فصامه نوح شكرا” لذا فإن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بصيامه فقال “أنتم أحق بموسى منهم فصوموا”

 

وصيام عاشورا كان معروفا حتى على أيام الجاهلية قبل البعثة النبوية الشريفة فقد ثبت عن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت “إن أهل الجاهلية كانوا يصومونه” وقال القرطبي “لعل قريشا كانوا يستندون في صومه إلى شرع من مضى كنبى الله إبراهيم عليه السلام، وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصومه بمكة قبل أن يهاجر إلى المدينة، فلما هاجر إلى المدينة وجد اليهود يحتفلون به، فسألهم عن السبب فأجابوه كما تقدم في الحديث، وقد ثبت في فضل صيام عاشوراء أنه يُكفر سنة كاملة، فقد قال صلى الله عليه وسلم “صيام يوم عاشوراء إني أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله” رواه مسلم، ثم أمر النبي صلى الله عليه وسلم بمخالفة اليهود في صيامه وذلك بصيام يوم قبله أو بعده.

 

حيث قال “لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع” رواه مسلم، وليعلم المسلم أن تكفير السيئات لمن يصوم هذا اليوم إنما هي صغائر الذنوب، وليست الكبائر، أما الكبائر فإنها تحتاج إلى توبة من الذنوب، وعزم على عدم العودة لهذه الكبائر، فعلينا أن نستغل الشهر الحرام في الأعمال الصالحة، وأن نبتعد عن الذنوب، وقد اتفق العلماء على أن صيام عاشوراء مستحب، وليس من الواجبات لما روت السيدة عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم صامه، وأمر بصيامه حتى فرض رمضان، فكان هو الفريضة، وأصبح عاشوراء من باب الاستحباب، وفي صيامه خير كثير وأجر فهو يكفر ذنوب سنة ماضية من صغائر الذنوب، وأما عن صيامه فهو على مراتب.

 

حيث ذكر ابن القيم رحمه الله، أن صيام عاشوراء على ثلاث مراتب حسب الأفضلية، فالأولى وهو صوم التاسع والعاشر والحادي عشر، وهذا أفضل المراتب، والثانية وهو صوم التاسع والعاشر، والمرتبة الثالثة وهو صوم العاشر وحده، وكما أنه ذكر بعض الأمور التي لا صحة لها في عاشوراء، فمنهم من قال إن يوم عاشوراء كانت توبة آدم عندما أكل من الشجرة، ورد نبى الله يوسف على يعقوب عليهما السلام، وفداء نبى الله إسماعيل بالكبش، وكسوف الشمس لمقتل الحسين رضي الله عنه، وحديث “مَن وسّع على أهله يوم عاشوراء وسّع الله عليه سائر السنة” وحديث “من اغتسل يوم عاشوراء لم يمرض ذلك العام” وكل ذلك لا أصل له، ولم يثبت عن النبي الكريم صلى الله عليه وسلم.

 

فاتقوا الله تعالى وأطيعوه وعظموا أمره ولا تعصوه، واعلموا رحمكم الله أن يوم عاشوراء له فضل عند الله ومكانة، وشهره أول السنة الهجرية في حساب أهل الإسلام، وقد حث النبي صلى الله عليه وسلم على صوم يوم عاشوراء بإضافة يوم قبله أو يوم بعده معه خلافا لليهود، ويقول الله عز وجل فى سورة يونس ” وإن فرعون لعال فى الأرض وإنه لمن المسرفين” فكان ملك من الملوك، ولكنه طاغية عصى الله تعالى، وادعى الألوهية، وكان حاكما لمصر، فادعى أنه إله لهم، لذلك سطر الله ذلك في القرآن، فقال “وإن فرعون لعال فى الأرض” أى علو وكبر وغطرسة وجحود، وقال لأهل مصر بعدما استخفهم وظلمهم، وجار عليهم، وذبح ذكورهم، واستحيا نساءهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى