مقال

نفحات إيمانية ومع يوم عاشوراء “الجزء السادس “

نفحات إيمانية ومع يوم عاشوراء “الجزء السادس ”

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء السادس مع يوم عاشوراء، وقد ذهب الحنفية إلى أن إفراد يوم عاشوراء بالصوم مكروه كراهة تنزيه، وأنه قد أشار فى القسم السادس وهو المكروه فهو قسمان، مكروه تنزيها، ومكروه تحريما، فالأول الذي كره تنزيها كصوم يوم عاشوراء منفردا عن التاسع أو الحادي عشر، وبناء عليه فيجوز صوم يوم العاشر من شهر الله المحرم منفردا، ويستحب مع ذلك صوم يوم قبله أو يوم بعده خروجا من الخلاف، والله سبحانه وتعالى أعلم، وأن الله تعالى جعله زمانا لقبول التوبة وإجابتها فعن الإمام علي رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “إن كنت صائما شهرا بعد رمضان فصم المحرم، فإنه شهر الله، فيه تاب على قوم ويتوب فيه على قوم آخرين” رواه ابن أبي شيبة والترمذي.

 

وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه مرفوعا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” هذا يوم تاب الله فيه على قوم فاجعلوه صلاة وصوما” يعني يوم عاشوراء، ففيه تاب الله تعالى على أبو البشر آدم عليه السلام، وفيه أهبِط إلى الأرض، كما جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما، وجاء في أحاديث وآثار أخرى أن عاشوراء هو اليوم الذي فيه تاب الله على نبى الله يونس عليه السلام، وفيه تاب على قومه، وفيه أمر بني إسرائيل بالتوبة، ويعتقد البعض أن يوم عاشوراء وقعت فيه عدة أحداث على مر السنين، فمن ذلك أن الكعبة كانت تكسى قبل الإسلام في يوم عاشوراء ثم صارت تكسى في يوم النحر، وهو اليوم الذي تاب الله فيه على آدم، وهو اليوم الذي نجى الله فيه نوحا وأنزله من السفينة.

 

وفيه أنقذ الله نبيه إبراهيم من نمرود، وفيه رد الله يوسف إلى يعقوب، وهو اليوم الذي أغرق الله فيه فرعون وجنوده ونجى موسى وبني إسرائيل، وفيه غفر الله لنبيه داود، وفيه وهب سليمان ملكه، وفيه أخرج نبي الله يونس من بطن الحوت، وفيه رفع الله عن أيوب البلاء، وهذه الأحداث كلها أنكرها علماء أهل السنة وبينوا أنه لا تصح أي من هذه الروايات سوى فضل الصوم في هذا اليوم وأن إظهار الفرح في هذا اليوم هو مذهب أعداء آل البيت و أما إظهار الحزن فيه فهو مذهب الراوفض وكلاهما غلو في هذه اليوم، وإن البعض يذهب ويحضر مسيرات الشيعة ويتفرج عليهم أو ينظر لها عبر النت، وكل هذا منكر يجب إنكاره ولا يحل حضوره ولا النظر إليه.

 

فاحمدوا الله على العافية وسلامة العقيدة، وإن هذا الحدث يوم عظيم من أيام الله تعالى ينبغي علينا أن نتذكره ونتأمل فيه، فقال الله تعالى “وذكرهم بأيام الله” وإن من يتأمل الوقائع والأحداث عبر السنين والأعوام، تيقن أن الله تعالى يداول الأيام بين الناس، فقد ظن جبابرة كثيرون أن الدنيا قد استسلمت لهم، وأنهم عليها غالبون، وأن القرار لهم، والغلبة والسيطرة لهم، فهذا فرعون علا في الأرض وأفسد فيها، يستحي النساء، ويقتل الرجال، ويشرد ويدمر، ويقتل، ورفع نفسه فوق منزلته، وظن أنه رب يعطي ويمنع، ويحيي ويميت، ويفعل ما يحلو له، غير آبه بأحد، فلما استكبر وطغى، وفجر وبغى، أخذه الله نكال الآخرة والأولى، وأهلكه ودمره ودمّر جنده.

 

وإن في إهلاك الله للظالمين والطغاة آية كونية، وراحة للبلاد والعباد، وإظهارا لقدرة الرب سبحانه في خلقه، وعظمته وجلاله وكبريائه يملي للظالمين والطغاة، فتعلو كلمتهم، وتفشو قوتهم، وتعظم سطوتهم، حتى يظنوا في أنفسهم السيادة والعلو والرفعة والعزة والمنعة، وأنهم في ممالكهم ممكنون، وفي عسكرهم وحرسهم آمنون، يأمرون وينهون، ويقربون ويعزلون، الخير ما استحسنوه، والشر ما عادوه، آراؤهم في الاقتصاد سديدة، وفي العلوم والفنون غير مسبوقة، وخلفهم همج رعاع يجيدون صناعة الطواغيت، فيؤلهون هؤلاء الطغاة، ويرفعونهم فوق قدرهم وعندها تحق عليهم كلمة الرب العظيم سبحانه، فيهلكهم ويجعل إهلاكهم من محامده وفضله سبحانه على خلقه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى