مقال

نفحات إيمانية ومع الوفاء بالعهد فى الإسلام “الجزء الأول”

نفحات إيمانية ومع الوفاء بالعهد فى الإسلام “الجزء الأول”

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

 



به نفسك فهو عهد ووعد والعهد ينقسم إلى قسمين، عهد بين الله وبين الناس، وعهد بين الناس بعضهم بعضا، فأما العهود التي بين الله وبين الناس فهي كثيرة، أولها إيمانك بالله وتصديقك لرسوله صلى الله عليه وسلم، وهذا عهد يجب عيك الوفاء به، فالتزامك بدين الله وإتباعك لشرع الله ومنهج رسوله هذا عهد فقال ابن عباس رضي الله عنهما كل ما أحل الله وما حرم وما فرض في القرآن فهو عهد فمن تهاون في أداء الصلاة أو إيتاء الزكاة أو في صوم رمضان أو أداء الحج مع القدرة فقد نكث عهده مع الله ومن تخلق بغير أخلاق المؤمنين فكذب إذا حدث.

 

أو خان إذا اؤتمن أو أخلف إذا وعد، فقد نكث عهده مع الله، ومن ساءت معاملته مع العباد فعق والديه أو قطع رحمه أو أساء إلى جاره أو غش في بيعه وشرائه أو أضاع زوجته وأولاده فقد نكث عهده مع الله ومن والى الكفار وعادى المؤمنين الأبرار وانتصر للباطل واخفق الحق فقد نكث عهده مع الله وعلى الإجمال فالمعرضون عن دين الله أولئك نكثوا عهدهم مع الله وتهاونوا بشرع الله عز وجل بل وأبرموا عهدا مع الشيطان بمخالفتهم لشرع الرحمن وكذلك نشر العلم وبيانه عهد حيث قال الله تعالى ” وغذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه” وقال قتادة هذا ميثاق أخذه الله على أهل العلم فمن تعلم علما فليعلمه للناس وإياكم وكتمان العلم.

 

فإن كتمان العلم هلكة، فيا سعادة عالم ناطق ومستمع داع، هذا تعلم علما فبلغه، وهذا سمع خيرا فقبله، وبيع النفس والمال بالجنة عهد، وقال الله تعالى ” إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة” وأما العهود التي بين الناس بعضهم بعضا فهي كثيرة أيضا فإذا اتفق اثنان على أن يقوم كل منهما للآخر بشيء، يقال أنهما تعاهدا فعقد الزواج عهد لأنه التزام بين الزوج والزوجة، فقال صلى الله عليه وسلم “أحق ما أوفيتم من الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفرج” رواه البخارى، فلابد للمسلم أن يؤدي ما التزم من الشروط على عقد الزواج لأنه استحل بها الفرج، فأيما رجل تزوج امرأة على ما قل من المهر أو كثر، ليس في نفسه أن يؤديها حقها فقد خدعها.

 

بل ويجب علي كل من الزوج والزوجة أن يكونا من الأوفياء في الحياة وبعد الممات، فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم كان وفيا مع السيدة خديجة رضى الله عنها حتى بعد موتها، وكذلك فإن تربية الأولاد عهد، فعلى الوالدين يجب الوفاء به، فقد قال الله تعالى ” يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجاره” فمن أهملهم، لم يوف بما عهد إليه، بل ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعد الإنسان أحد أولاده بوعد ولا يفي له به، فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال “لا يعد أحدكم صبيه ثم لا ينجز له، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال “العدة عطية” رواه الطبراني ، وعن عبد الله بن عامر بن ربيعة رضي الله عنه قال.

 

جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بيتنا وأنا صبي صغير فذهبت لألعب فقالت أمي يا عبد الله تعال أعطيك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “ما أردت أن تعطيه؟ قالت أردت أعطيه تمرا، قال “لو لم تفعلي كتبت عليك كذبة” رواه أحمد، والوفاء يكون في البيع والشراء فعن حكيم بن حزام رضى الله عنه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” البيعان بالخيار ما لم يتفرقا” أو قال حتى يتفرقا، فإن صدقا وبينا، بورك لهما فى بيعهما وإن كتما وكذبا محقت بركة بيعهما” والوفاء بالوعد يكون في المواعيد والاتفاقات، فإذا أعطيت أخاك موعدا فلا تخلفه وإذا اتفقت معه على أمر فلا تماطله، والوفاء يكون أيضا في العهود والمواثيق، وفي الشروط والمصالحات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى