مقال

نفحات إيمانية ومع وما الحياة الدنيا …؟ ” الجزء الرابع “

نفحات إيمانية ومع وما الحياة الدنيا …؟ ” الجزء الرابع ”

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الرابع مع وما الحياة الدنيا …؟ والعمل ما أريد به التعبد لله كالصلاة، والحج، والصوم، والأكل، والشرب، وغيره، فهذا مطلوب لا يذم أبدا، والثاني وهو ما هو عكس الأول أي ما كانت لذته عاجلة قبل الموت من التلذذ بالمعاصي، والمنكرات، والخوض في مال الله بغير حق، وأكل أموال الناس، فهذا مذموم جدا، والثالث وهو ما كان بينهما مما يعين على طاعة الله تعالى كالأكل، والشرب، واللباس بالاقتصاد، ومن طريقة الحلال فهذا يلحق بالقسم الأول لأنه من وسائله، واعلم أن وصال الدنيا مقرون بالشتات، والحياة الشائقة سائقة إلى الممات، والأغراض فيها أغراض للسهام النائبات، ويكفيكم عظة سلب الآباء والأمهات، فاذكر هاذم اللذات صباحا ومساء.

 

وتفكر في بلى وجوه قد كن صباحا، فقد أفصحت عبر الدهر بالعبر إفصاحا، فكيف يغتر من تعد أنفاسه؟ وكيف يقر من قد قرب اختلاسه؟ فنيت والله الأيام، ولكن بخطايا وآثام، وكأن قد نزل بكم الحمام، وأول ما يلقاكم عند حلول القبر الندامة، وآخر ما ترون عند القيام القيامة، فرحم الله عبدا علم أن الدنيا دار غرور، ففارق ما فارق فيها من الشرور، واختار حزن الحُزن على سهل السرور، ولاحظ قرب الآخرة، فصاحب الصور قد التقم الصور، فإن عنوان سعادة المرء ودلائل توفيقه إنما يكون في إنابته لربه واستقامته على شرع الله ودينه وإقباله على الله تعالى بنية خالصة وعبودية صادقة في كل حالاته، وأن لا تشغله الحياة الدنيا والسعي في تحصيل ما يؤمل منها.

 

عن الاستعداد للحياة الباقية والتزود للدار الآخرة، فذلك سبيل الصالحين، ونهج المتقين ممن وصفهم الله عز وجل في محكم التنزيل بقوله فى سورة النور”رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار” فإن هؤلاء الصالحين على الرغم من اشتغالهم بالبيع والشراء، وما يحتاجون من عرض الدنيا، إلا أن ذلك لم يكن حائلا بينهم وبين استحضار عظمة الله جل جلاله، استحضارا يحمل على تقوى الله عز وجل وخشيته على الدوام، والقيام بعبوديته حق القيام، وهكذا شأن المؤمن حقا، يغتنم أيام العمر وأوقات الحياة بجلائل الأعمال الصالحة، ويبتغي فيما آتاه الله الدار الآخرة.

 

لعلمه أن هذه الحياة الدنيا ما هي إلا وسيلة للفوز بالحياة الباقية والظفر بالسعادة الدائمة، لا أنها غاية تبتغى، ولا نهاية ترتجى، بل إنما هي عرض زائل، يأكل منها البر والفاجر، وأنه مهما طال فيها العمر، وفسح فيها للمرء الأجل، فسرعان ما تبلى، وعما قريب تفنى، وليس لها عند الله شأن ولا اعتبار، وإنما هي قنطرة إلى الجنة أو النار، فاتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون، ولا تكونوا ممن استولت عليهم الغفلة، واستحوذ عليهم الشيطان فأنساهم ذكر الله والدار الآخرة، وغرتهم الأماني الباطلة، والآمال الخادعة حتى غدوا وليس لهم همّ إلا في لذات الدنيا وشهواتها، فكيف حصلت حصّلوها، ومن أي وجه لاحت أخذوها، وإذا عرض لهم عاجل من الدنيا.

 

لم يؤثروا عليه ثوابا من الله ورضوانا، فلتحذروا عباد الله من التمادي في الغفلة والإعراض عن الله، وإيثار الحياة الدنيا على الآخرة، فلقد ندد الحق عز وجل بالغافلين، وأشاد بالمتقين الذين جانبوا هوى النفس، وعملوا للدار الآخرة، إنﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺍﻓﺘﺘﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺑﻬﺎ، ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻗﺼﺮ ﻧﻈﺮﻫﻢ، ﻭﺑﻴّﻦ الله تعالى لنا فى كتابه ﺃﻧﻬﺎ ﻣﻦ ﻣﺤﻘﺮﺍﺕ ﺍﻷﻣﻮﺭ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﻳﺮﻛﻦ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﺍﻟﻌﻘﻼﺀ فضلا ﻋﻦ ﺍﻻﻓﺘﺘﺎﻥ ﺑﻬﺎ، ﻭﺍﻻﻧﻬﻤﺎﻙ ﻓﻲ ﻃﻠﺒﻬﺎ ﻭﻗﺘﻞ ﺍﻟﻮﻗﺖ ﻓﻲ ﺗﺤﺼﻴﻠﻬﺎ ﻷﻧﻬﺎ ﻻ ﺛﻤﺮﺓ ﻓﻴﻪ ﺳﻮﻯ ﺍﻟﺘﻌﺐ، ﻭﻟﻤﺎ ﺗﺸﻐﻞ ﺻﺎﺣﺒﻬﺎ، ﻭﺗﻠﻬﻴﻪ ﻋﻤﺎ ﻳﻨﻔﻌﻪ ﻓﻲ ﺁﺧﺮﺗﻪ، ﻭﺯﻳﻨﺔ ﻻ ﺗﻔﻴﺪ ﺍﻟﻤﻔﺘﻮﻥ ﻓﻴﻬﺎ ﺷﺮﻓﺎ ﺫﺍﺗيا ﻛﺎﻟﻤﻼﺑﺲ ﺍﻟﺠﻤﻴﻠﺔ، ﻭﺍﻟﻤﺮﺍﻛﺐ ﺍﻟﺒﻬﻴﺔ، ﻭﺍﻟﻤﻨﺎﺯﻝ ﺍﻟﺮﻓﻴﻌﺔ ﺍﻟﻮﺍﺳﻌﺔ، ﻭﺗﻔﺎﺧﺮ ﺑﺎﻷﻧﺴﺎﺏ ﻭﺍﻟﻌﻈﺎﻡ ﺍﻟﺒﺎﻟﻴﺔ، ﻭﻣﺒﺎﻫﺎﺓ ﺑﻜﺜﺮﺓ ﺍﻷﻣﻮﺍﻝ ﻭﺍﻷﻭﻻﺩ، ﻭﻋﻈﻢ ﺍﻟﺠﺎﻩ.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى