مقال

نفحات إيمانية ومع وإن جنحوا للسلم ” الجزء الخامس “

نفحات إيمانية ومع وإن جنحوا للسلم ” الجزء الخامس ”

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الخامس مع وإن جنحوا للسلم، وقد أعد الفنان بيكاسو لوحة تقليدية بسيطة عبارة عن حمامة تحمل بمنقارها غصن زيتون، وعرضها على الشاعر أرجوان فأعجبته وقدمها لتكون شعارا للمؤتمر ورمزا لحركة السلام العالمية، وما زالت حتى اليوم تعد رمزا للحرية والسلام، ومنذ ذلك الحين أصبحت الحمامة رمزا شعبيا وعالميا للسلام في العالم ككل، إن هذا القرآن الذي قرأه الصحابة وتأثروا به وعملوا بما فيه، والذي أصبح المحرك لهم لجميع بطولتهم ومواقفهم الخالدة التي لا تنسى، وإن هذا القرآن الذي تأثروا به تأثرا بالغا هو نفس القرآن الذي بين أيدينا، لكن القلوب غير القلوب والنفوس غير النفوس، وإلا فالقرآن واحد، والأسماع واحدة.

 

والتلاوة نفسها، لكن التي تغيرت هي القلوب، فقال الله تعالى فى سورة الحج ” فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التى فى الصدور” ولقد كان الواحد منهم رضي الله عنهم من الصحابة، فمن بعدهم ربما سمع الآية فتغيرت مسيرة حياته، فهذا أبو طلحة لما كبرت سنه ورق عظمه وشابت لحيته، كان يقرأ سورة براءة وهى التوبة، فلما بلغ قوله تعالى “انفروا خفافا وثقالا” فقال لا أرى ربنا إلا يستنفرنا شبابا وشيوخا بآية، جهزوني جهزوني، فجهزوه فغزا في البحر فمات في البحر، فلم يجدوا له جزيرة يدفنوه فيها إلا بعد سبعة أيام، فدفنوه بها وهو لم يتغير، أما نحن فقد سمعنا آيات كثيرة، وترنمنا بسماعها وقراءتها، فما فعلت فينا شيئا، عجبا لنا نسمع الآيات والمواعظ.

 

والخطب والكلمات، فموعظة في المسجد وموعظة عبر الشريط وموعظة في الجمعة وموعظة عبر المذياع، ولكن أحوالنا على ما هي عليه، بل كل يوم نزداد بعدا وتقصيرا وتفريطا في طاعة الله إلا من رحم الله، وقد سمعنا بعض تضحيات نسائهم وأطفالهن، فماذا عسى أن تكون تضحيات رجالهم، فهذا عبد الله بن جحش في معركة أحد يدعو يقول” اللهم أني أقسم عليك أن ألقى العدو غدا فيقتلوني ثم يبقروا بطني، ويجدعوا أنفي وأذني، ثم تسألني فيم ذلك يا عبدي؟ فأقول فيك يا رب” وهذا عمرو بن الجموح كان أعرج شديد العرج، وكان له أربعة أبناء يغزون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا غزا، فلما توجه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أحد.

 

أراد أن يتوجه معه، فمنعه أبناؤه لكبره، فأتى عمرو بن الجموح رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إن بنيّ هؤلاء يمنعوني أن أخرج معك، والله إني لأرجو أن استشهد فأطأ بعرجتي هذه الجنة، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم “أما أنت فقد وضع الله عنك الجهاد” وقال لبنيه “وما عليكم أن تدعوه، لعل الله عز وجل أن يرزقه الشهادة” فخرج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقتل يوم أحد شهيدا، وهذا أنس بن النضر أقسم على نفسه نفس إذ تخلف عن غزوة بدر إذا جاءت غزوة أخرى ليرين الله ما يصنع، فلما انكشف المسلمون في غزوة أحد انطلق وقال “اللهم إني أعتذر إليك من صنع هؤلاء ويعني أصحابه حينما نزلوا الجبل.

 

وأبرأ إليك من صنع هؤلاء، ويعني المشركين، ثم تقدم فاستقبله سعد بن معاذ، فقال يا سعد بن معاذ الجنة ورب النضر، إني أجد ريحها من دون أحد، قال سعد فما استطعت يا رسول الله ما صنع، قال أنس بن مالك فوجدنا به بضعا وثمانين ضربة بالسيف أو طعنة برمح، أو رمية بسهم، ووجدناه قد قتل ومثل به المشركون، فما عرفه أحد إلا أخته ببنانه أى إصبعه، قال أنس فكنا نظن أن هذه الآية نزلت في أشباهه” من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه” وهذا رجل آخر من الصحابة يهجم عليه رجل فيطعنه طعنة في صدره، فلما سال الدم، أمسك الدم بيمينه ونظر إليه وقال “فزت بها ورب الكعبة، فزت بها ورب الكعبة، فزت بها ورب الكعبة”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى