مقال

نفحات إيمانية ومع قيمة الإحترام وإحترام القيم “الجزء الأول”

نفحات إيمانية ومع قيمة الإحترام وإحترام القيم “الجزء الأول”

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

 

إن مبادئ حقوق الإنسان التي انتشرت في الغرب وانسجمت مع فطرة الله التي فطر الناس عليها ليست مخترعات حديثة ولكنها مأنوسة لنا نحن المسلمين ومدروسة في ديننا منذ قرون، فالإسلام هو أول من قرر المبادئ الخاصة بحقوق الإنسان في أكمل صورة وأوسع نطاق، وهذه المبادئ والحقوق التي وردت في الإعلان العالمي منذ نصف قرن فقط مدوّنة وواردة في القرآن الكريم والسنة المطهرة منذ فجر الإسلام، والأمم الإسلامية في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين من بعده، كانت أسبق الأمم في السير عليها، ولقد كان النبي صلى الله عليه وسلم حريصا على تأكيد هذه الحقوق حتى قبل وفاته فقد جاءت خطبة الوداع التي خطبها يوم عرفه.

 

بمثابة تقرير شامل لحقوق الإنسان، وبيان واضح لعلاقات المسلم ومعاملاته مع غيرة من البشر، وبدأها صلى الله عليه وسلم بقوله”إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا إلى أن تلقوه ” ومِن الحقوق التي أكدتها هذه الخطبة النبوية حرمة الدماء والأموال والأعراض، وإقرار العدل والمساواة، والنهي عن الظلم، وأداء الأمانة، وبيان حقوق الزوجة، وإن الاحترام إحدى المشاعر البشرية النبيلة والأخلاق السامية، وكل إنسان مدين للبشر حوله بمستوى أساسي من الاحترام، وقد يختلف مستوى الاحترام هذا تبعا لرؤية الفرد لهم واحترامهم لذاتهم، فإظهار مستوى من الاحترام لفئة من الناس أكثر من غيرهم.

 

لا يعد سلوكا خاطئا البتة، فالشخص النزيه يستحق مزديا من الاحترام مقارنة بالشخص الكاذب، وإن كان على الشخص أن يكون مهذبا ولطيفا مع الجهتين، مع العلم أن تقدي الإنسان لذاته واحترامه لها ينعكس على مدى تقديره واحترامه للآخرين، ويمكن احترام الآخرين من خلال معاملة الناس على قدم المساواة في القيم، إذ إن الشخص الخلوق والمهذب لا يستطيع أن يلقى الناس بعدة أوجه أو أن يتلون في سلوكه، فهو يكرم الجميع ويساعد الجميع، وكذلك احترام اختيارات الناس واجتهاداتهم وأذواقهم، ما دام ذلك كله كله يقع ضمن دائرة المباح، واختيار العبارات والجمل اللطيفة التي تعبر عن إصالة الفرد وترفعه عن الدنايا، وترك الألفاظ المبتذلة.

 

وأيضا ترك أذى الناس، وعدم إزعاجهم، وتعلم الذوق والأدب في التصرف، ومطالعة المفيد من الكتب لتعلم ذلك، وكذلك الاحترام في الإسلام، وقد أوجبت الشريعة احترام المسلم لأخيه المسلم، وقد دلت نصوص الوحي من الكتاب والسنة على ذلك، كاحترام المعلم، أو احترام الطلبة والزملاء، ويقول صلى الله عليه وسلم ” المسلم أخو المسلم لا يخونه ولا يكذبه ولا يخذله، كل المسلم على المسلم حرام، عرضه وماله ودمه، التقوى هاهنا، بحسب امرئ من الشر أن يحتقر أخاه المسلم” فالمسلم يحترم الشخص تقديرا لشخصه، ولا يكون احترامه نابعا من المظاهر، وبالتالي لا يحتقر أحدا لكونه فقيرا أو ذو ملابس رثة، فالمظاهر ليست دليل أبدا على ما يحمله الشخص.

 

من علم وأدب وتميز، واحترام الناس هذا هو مما علمنا إياه رسول الله صلى الله عليه وسلم، من تقدير الشخوص، وإنزالهم منازلهم، فليس كل من لبس الذهب أو الحرير هو الكريم، فهذا كله زائل، ولا يغني شيئا حين يفقد الإنسان ثقافة الاحترام وشكر النعمة، ولقد أنزل الله سبحانه وتعالى على رسوله المصطفى صلى الله عليه وسلم شريعة كاملة شاملة لم تدع جانبا من جوانب الحياة وسلوك الناس إلاّ وتطرقت إليه ووضعت له المنهج الصحيح، والأسلوب المناسب الذي يضمن للإنسان أن تسير حياته وفق ما أراد الله تعالى، وبما يحقّق له السعادة في الدنيا والآخرة، وإن من خصائص الشريعة الإسلامية أنها ركزت على القيم الروحية بالإضافة إلى عدم إغفالها المادة كمتطلب أساسي للحياة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى