مقال

نفحات إيمانية ومع أحياء عند ربهم يرزقون” جزء 1″

نفحات إيمانية ومع أحياء عند ربهم يرزقون” جزء 1″

بقلم/ محمـــد الدكــــرورى

 

إن الشهداء هم الأحياء عند ربهم يرزقون، فيقول الله تعالى ” ولا تحسبن الذين قتلوا فى سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون” وذلك ما يعنى أنه حى وفى وضع أفضل بكثير، والأكثر من ذلك أنه سيشفع لسبعين من أهله ليدخلوا معه الجنة، وما أعظمها من منزلة، وقد يبدأ الوعى بفكرة الاستشهاد وقيمتها عند من يهبون أنفسهم للشهادة فى سبيل الوطن عندما يقرر أحدهم مثلا الالتحاق بإحدى الكليات العسكرية، فهذا ينطوى ضمنيا على وجود استعداد لديه للاستشهاد فى سبيل الوطن، خاصة أن شعار المؤسسة العسكرية هو النصر أو الشهادة، والشعب المصرى يشعر بالفخر لمجرد التحاق أبنائه بالكليات العسكرية، لدرجة أن هناك أسرا يكون لديها ابن وحيد.

 

وبالتالى معفى من دخول الجيش، ومع ذلك تجد أهله يشجعونه على الالتحاق بالكليات العسكرية من منطلق إيمانهم بأهمية الوطن والدفاع عنه والانتماء له، حتى لو فقد الإنسان حياته فى سبيل ذلك، وكذلك فإن همجية الإرهاب تعطى دافعا أكبر للاستشهاد من أجل إنقاذ البلد وأهله والشهداء تماهوا مع قضيتهم ولهم منزلة كبيرة فى نفوس أفراد الشعب، وإننا إن أردنا أن نصوغ تعريفا للشهيد فلا يسعنا أن نقول أكثر من أنه شخص كريم الأخلاق ونبيل ينتمي إلى طبقة عالية من طبقات البشر، لا يستطيع أن يبلغها أحد من الناس إلا من استطاع أن يبلغ رتبة الشهادة، وإن تعريف الشهادة في الإسلام هو بذل النفس في سبيل الله تعالى وفي سبيل إعلاء كلمة لا إله إلا الله محمد رسول الله.

 

في حرب مع الكافرين بالله وبدينه وبآخر أنبيائه، وهنالك آراء كثيرة حول سبب تسمية الشهيد بهذا الاسم، فقال بعضهم إنه قد سمى بالشهيد لأن الله تعالى والنبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، والملائكة عليهم السلام قد شهدوا له بالجنة، وقال بعضهم لأن روحه قد شهدت الجنة قبل مجيء صاحبها، وذلك بخلاف الناس العاديين الذين لا تدخل أرواحهم الجنة إلا بدخولهم هم بعد يوم القيامة، وقال بعضهم أيضا إن الشهيد قد سمي شهيدا لأنه أشهد نفسه على حب دينه وعقيدته أكثر من نفسه، وقيل أيضا لأنه يأتي يوم القيامة تشهد عليه جراحه ودماؤه، وذلك كما في حديث الرسول الكيم محمد صلى الله عليه وسلم، عن الشهداء، إذ قد قال صلى الله عليه وسلم.

 

“والذى نفس محمد بيده، ما من كلم يكلم فى سبيل الله، إلا جاء يوم القيامة كهيئته حين كلم، لونه لون دم، وريحة مسك” وقيل بل هو شهيد لأن الخلائق قد شهدت له بالشهادة في سبيل الله تعالى، وقيل لأنه حى حاضر عند ربه وليس ميتا، وقيل لأن ملائكة الرحمة تشهد موته فيشهدون له، وقيل غير ذلك من اجتهادات قال بها علماء المسلمين، لكن المعنى الأكبر والأوسع لهذه الكلمة هو البذل والعطاء والجود بالنفس في سبيل أمر عظيم قد بعث الله تعالى أنبياءه من أجله من لدن آدم إلى رسولنا الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم، مرورا بكل الأنبياء صلوات الله وسلاماته عليهم أجمعين، فتبقى صورة الشهيد هو ذلك المضرج بدمائه المستلقي تحت سماء ربه شاخصا بصره الحديد إلى السماء.

 

يرى ما أعد الله تعالى له من نعيم مقيم في دار لا تعب فيها ولا نصب، تحفه الأملاك وتغشى وجهه السكينة والهدوء وتعلو شفتيه ابتسامه الرضا بحكم الله وإن كانت نفسه هي التي قد كتب عليه أن يجود بها، ليس بعد هذا البذل بذل يوصف، فهو الشهيد لا غيره ذلك الذي هبط من العلياء إلى الأرض ليعلم الناس كيف يكون الصدق مع الله تعالى والإخلاص في سبيل العقيدة التي قد تضرج بابها بأنهار من دماء الشجعان ليحفظوها ولتقوم على أقدامها كما نراها اليوم عزيزة أبية لا تنحني سوى للإله الواحد الأحد، فالشهيد شخص رأى أن في الحياة ما يستحق أن يبذل روحه من أجله، أو لنقول إن الشهيد قد وجد غاية سامية أعلى من حياته فوهب روحه في سبيل تحقيق تلك الغاية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى