مقال

نفحات إيمانية ومع مكانة الشهيد عن ربه عز وجل ” جزء 3″

نفحات إيمانية ومع مكانة الشهيد عن ربه عز وجل ” جزء 3″

بقلم/ محمـــد الدكــــرورى

 

ونكمل الجزء الثالث مع مكانة الشهيد عن ربه عز وجل، قالوا “ما جاء بك يا عمرو، أحربا على قومك أو رغبة في الإسلام؟” قال “بل رغبة في الإسلام، آمنت بالله ورسوله وأسلمت، ثم أخذت سيفي فغدوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقاتلت حتى أصابني ما أصابني” ثم لم يلبث أن مات في أيديهم، فذكروه لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ” إنه من أهل الجنة” ويقول أبو هريرة رضى الله عنه “ولم يُصلى لله صلاة قَط” فذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، إنها لحظة إيمان وصدق، وأيضا من الشهداء رجل يسمى مخيريق فلما خرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى أحد، قال مخيريق لليهود”ألا تنصرون محمدا؟ والله إنكم لتعلمون أن نصرته حق عليكم”

 

فقالوا “اليوم يوم السبت” فقال”لا سبت”وأخذ سيفه ومضى إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقاتل حتى أثبتته الجراحة، فلما حضره الموت قال “أموالي إلى محمد يضعها حيث شاء” وقُتل يوم أحد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “مخيريق خير يهود” وعلى النقيض من الصورة السابقة نجد قصة رجل يسمى قزمان، فقد قتل ثلاثة من حملة راية المشركين يوم أحد، وفي رواية سبعة أو ثمانية من المشركين، وقاتل قتالا شديدا وبشره المسلمون، فقال “إن قاتلت إلا عن أحساب قومي، ولولا ذلك ما قاتلت” وكانت جراحه شديدة فنحر نفسه، فأخبر المسلمون رسول الله صلى الله عليه وسلم بما قال قزمان، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” إنه من أهل النار”

 

حيث لا يدخل الجنة إلا من يقاتل حتى تكون كلمة الله هي العليا، أما من يقاتل من أجل القومية أو الوطنية أو القبيلة فلا ينال الشهادة في سبيل الله، وقد روى البخاري أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال الرجل يقاتل للمغنم، والرجل يقاتل للذكر، والرجل يقاتل ليرى مكانه، فمن في سبيل الله؟ قال صلى الله عليه وسلم ” من قاتل لتكون كلمة الله هى العليا فهو فى سبيل الله” فهو الشهيد الكامل الشهادة، وهو أرفع الشهداء منزلة عند الله، وأفضلهم مقاما في الجنة، وهو المسلم المكلف الطاهر، الذي قتل في المعركة مخلصا لله النية، مقبلا غير مدبر، سواء قتله أهل الحرب أو البغي أو قطاع الطريق، أو وجد في المعركة وبه أثر القت.

 

أما الفخر بالقبائل والأحساب لا قيمة له، ولكن التقوى هي ميزان الأفضلية، فهذه مصيبة أحد وهذا هو الخير الموجود في هذه المصيبة، وقد لا نرى نحن هذا الخير، ولكنه موجود بالفعل، وليس معنى ذلك أن نبحث عن المصائب ونسعى إليها، ولكن معنى ذلك أن المصيبة ليست نهاية الدنيا، وأن هناك أيضا شهيد الدنيا، وهو من غل من الغنيمة أو مات مدبرا، أو من قاتل لتعلم شجاعته، أو طلبا للغنيمة فقط، فشهيد الدنيا فهو من قتل في قتال مع الكفار وقد غل في الغنيمة، أو قاتل رياء، أو عصبية عن قومه، أو لأي غرض من أغراض الدنيا، ولم يكن قصده إعلاء كلمة الله، فهذا وإن طبقت عليه أحكام الشهيد في الظاهر من دفنه في ثيابه ونحو ذلك لكنه ليس له في الآخرة من خلاق.

 

ونحن نعامل الناس على حسب الظاهر في الدنيا، والله الذي يعلم الحقائق هو الذي يتولى حسابهم يوم القيامة، ولعل كل قتيل في المعركة، لم يكن مخلصا لله، فهو من شهداء الدنيا، فإذا كان الباعث له، ليس الجهاد في سبيل الله، وإنما شيء من أشياء الدنيا، فإنه لا يحرم نفسه من الأجر والثواب فحسب، بل إنه، بذلك، يعرض نفسه للعذاب يوم القيامة، فعن أبي هريرة رضى الله عنه قال ” سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ” إن أول الناس يقضى يوم القيامه عليه رجل استشهد فأتى به فعرفه نعمه فعرفها قال فما عملت فيها قال قاتلت فيك حتى استشهدت قال كذبت ولكنك قاتلت لأن يقال جريء فقد قيل ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقى فى النار” رواه مسلم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى