مقال

نفحات إيمانية ومع حق اليتيم فى الإسلام ” جزء 4″

نفحات إيمانية ومع حق اليتيم فى الإسلام ” جزء 4″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الرابع مع حق اليتيم فى الإسلام، فإن الإسلام عندما جعل أكل مال اليتيم من السبع الموبقات نظر إلى الفعل في نفسه وإلى ما يترتب عليه، حتى لا يسيء أحد لهذا العمل النبيل، الذي ينظر إليه الناس نظرة تقدير واحترام، فجاء ذلك الوعيد الشديد في مثل قوله تعالى ” إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما ياكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا” وإن تعريف اليتيم فى اللغة هو يُقصد بالانقطاع والانفراد، ويراد به انقطاع الصغير عن أبيه وانفراده عنه، ويقال للصبى يتيم، وللأنثى يتيمة، وتطلق صفة اليتم على مَن هو دون سن البلوغ، وتعريف اليتيم اصطلاحا اليُتم في الاصطلاح يقصد به انقطاع وانفصال الصغير عمن يرعاه ويدبر أموره ويقضي حوائجه.

 

إذ إن حاجة الصغير لمن يرعاه حاجة ضرورية لا بد منها، واليتيم عند الفقهاء يطلق على من فقد أباه دون بلوغه مرحلة الحُلم، وتزول صفة اليتم عنه بمجرد الحُلم، وإن اتصف من بلغ الحُلم باليتم فيكون إطلاقا مجازيا، وذلك باعتبار حاله الذي كان قبل الحُلم، كما أُطلق على النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم وهو كبير، يتيم أبي طالب، إذ إن أبا طالب من قام على تربيته، وكما ورد في قول الله تعالى ” وآتوا اليتامى أموالهم” فأطلقت صفة اليتيم على البالغ والكبير، إذ إنهم لا يمكلون التصرف في أموالهم قبل ذلك، ونحن نتحدث عن كفالة اليتيم لابد أن ننوه بأولئك الأمهات الأرامل اللواتي فقدن أزواجهن وفوجئن بالمسؤولية فقمن بها على أحسن وجه.

 

وهن أمهات تفرغن لأبنائهن، وضحين من أجلهم حتى كبروا وبلغوا واستقلوا بأنفسهم، وكما لا يفوتنا أن ننكر على بعض اللئام الذين استغلوا ضعف اليتيم، فأكلوا ماله بغير حق، فعن سهل بن سعد قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا، وأشار بإصبعه السبابة والوسطى وفرج بينهما” رواه البخارى، وقال ابن بطال” حق على من سمع هذا الحديث أن يعمل به ليكون رفيق النبي صلى الله عليه وسلم، في الجنة ولا منزلة في الآخرة أفضل من ذلك” ثم قال الحافظ ابن حجر، وفيه إشارة إلى أن بين درجة النبي صلى الله عليه وسلم، وكافل اليتيم قدر تفاوت ما بين السبابة والوسطى، وقال الحافظ أيضا.

 

قال شيخنا في شرح الترمذى لعل الحكمة في كون كافل اليتيم يشبه في دخول الجنة، أو شبهت منزلته في الجنة بالقرب من النبى صلى الله عليه وسلم، أو منزلة النبي صلى الله عليه وسلم لكون النبي صلى الله عليه وسلم شأنه أن يبعث إلى قوم لا يعقلون أمر دينهم فيكون كافلا لهم ومعلما ومرشدا، وكذلك كافل اليتيم يقوم بكفالة من لا يعقل أمر دينه بل، ولا دنياه، ويرشده، ويعلمه، ويحسن أدبه فظهرت مناسبة ذلك، فمن عمل بوصية الله تعالى فهو أسعد الناس بهذا الجوار النبوي، ومن خالفها وأكل مال اليتيم تحت ذريعة الكفالة فهو شقي محروم فسبحان القائل ” ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده” وأما اليتيم في اللغة فله عدة معانى، منها الفقد والإعياء والإبطاء.

 

ولقد أوصى الإسلام برعاية اليتيم، وكفالة اليتيم من الأعمال الطيبة التي تقدسها الشرائع السماوية وتقدرها المجتمعات في مختلف الأزمان، وقد أولى الإسلام اليتيم أشد الاهتمام وعظم مكافأة الإحسان له، وذكر لفظ اليتيم في القرآن الكريم ثلاثا وعشرين مرة، وعن أبي هريرة رضى الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ” الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله” وأحسبه قال وكالقائم الذي لا يفتر وكالصائم لا يفطر” رواه البخاري ومسلم، وعن أبي هريرة رضى الله عنه، قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم” اليتيم له أو لغيره أنا وهو كهاتين في الجنة” رواه مسلم، وقال النبي صلى الله عليه وسلم ” من ضم يتيما بين مسلمين في طعامه وشرابه حتى يستغني عنه وجبت له الجنة” رواه أبو يعلى والطبراني وأحمد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى