مقال

نفحات إيمانية ومع عليكم بشرع الله عز وجل ” الجزء الأول “

نفحات إيمانية ومع عليكم بشرع الله عز وجل ” الجزء الأول ”

إعداد / محمــــد الدكـــرورى

 

إن الله سبحانه وتعالى يوازن بين مباهج الدنيا ومفاتنها، وبين المثل العليا والاتصاف بالمكارم، ويبين أن الفضائل أبقى أثرا، وأعظم ذخرا، وأجدر باهتمام الإنسان، وخير له في الدنيا والآخرة، لذلك قال سبحانه وتعالى فى سورة الكهف ” المال والبنون زينة الحياة الدنيا والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير أملا” ويقول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث الصحيحين في الشفاعة “يترك الله عز وجل الناس بعضهم يموج في بعض، أى لا يقضي بينهم بحساب، فيبلغون من الغم والكرب ما لا يطيقون ولا يحتملون، فيقول بعضهم لبعض ألا ترون ما بلغكم؟ ألا تنظرون أحدا يشفع لكم عند ربكم؟ فيذهبون إلى آدم فيقول لست لها، ويحيلهم على نوح عليه السلام.

 

وهو أول أولي العزم من الرسل، فيقول لست لها، فيحيلهم على إبراهيم، ثم يحيلهم إبراهيم على موسى الكليم عليه وعلى نبينا الصلاة والتسليم، ثم يذكر نبى الله موسى القبطي الذي قتله فيحيلهم على نبى الله عيسى، فيقول عيسى لست لها، ولكن ائتوا محمدا عبدا غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فيأتون نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فيقول ” أنا لها أنا لها، فيدخل على ربه عز وجل، فإذا رأى ربه عز وجل خر ساجدا فيقال “ارفع رأسك، وسل تعط، واشفع تشفع، فيشفع في الخلائق كلهم، ولقد تفرد الله سبحانه وتعالى بالخلق والأمر والحكم فى الكون كله، والناس كلهم ليس لهم أن يخرجوا عن منهج الله تعالى وشريعته لأنهم وكلاء مستخلفون في الأرض.

 

ولهم حقوق وعليهم واجبات فالله سبحانه وتعالى هو مالك الملك، ومالك كل موجود، فقد استخلف الإنسان فى هذه الأرض، ومكنه مما ادخره سبحانه له فيها من أرزاق وأقوات، وقوى وطاقات، ولم يترك له هذا الملك العريض فوضى يصنع فيه الإنسان ما يشاء، وكيف شاء، إنما استخلفه على أن يقوم بالخلافة وفق منهج من استخلفه، وحسب شريعته فقال سبحانه وتعالى كما جاء فى سورة البقرة ” قلنا اهبطوا منها جميعا فإما يأتينكم منى هدى فمن تبع هداى فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون” فما وقع منه من عقود وأعمال، وعبادات ومعاملات، ومعاشرات وأخلاق، وفق التعاقد فهو صحيح نافذ، وما وقع منه مخالفا للعقد فهو باطل موقوف، فإن أنفذه قوة وقسرا فهو إذن ظلم واعتداء لا يقره الله عز وجل، ولا يقره المؤمنون بالله تعالى.

 

فالحلال هو ما أحله الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، والحرام هو ما حرمه الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، فقال الله سبحانه وتعالى كما جاء فى سورة يونس” قل أرأيتم ما أنزل الله لكم من رزق فجعلتم منه حراما وحلالا قل ألله أذن لكم أم على الله تفترون” فعن النعمان بن بشير قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ” إن الحلال بيّن وإن الحرام بيّن وبينهما مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام، كالراعى يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه، ألا وإن لكل ملك حمى، ألا وإن حمى الله محارمه، ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب” رواه البخارى ومسلم.

 

وهذا الحديث اعتبره العلماء يمثل ثلث الدين، وهو كذلك، فيقول الإمام أحمد، أصول الإسلام على ثلاثة أحاديث، حديث “إنما الأعمال بالنيات” وحديث ” من أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو رد” وحديث ” الحلال بيّن” فهذا الحديث في السنة كسورة الإخلاص في القرآن، والحلال بيّن، فقد بدأ به لأنه الأصل، فالأصل في كل شيء الحل حتى تثبت حرمته، ولو تأملت في النعم لوجدتها حلالا إلا ما ندر، وهو بيّن لأن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، بيّنه للناس بأمر من الله عز وجل فقال تعالى فى سورة النحل ” وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون” ولذلك يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ” تركتكم على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك” رواه ابن ماجة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى