مقال

نفحات إيمانية ومع النكاح والسفاح فى الإسلام ” جزء 2″

نفحات إيمانية ومع النكاح والسفاح فى الإسلام ” جزء 2″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الثانى مع تحديد النسل فى الإسلام، وقال ابن القيم رحمه الله ” ولما كان الزنا من أمهات الجرائم وكبائر المعاصى، لما فيه اختلاط الأنساب الذى يبطل معه التعارف والتناصر على إحياء الدين وفى هذا هلاك الحرث والنسل، فشاكل فى معانيه أو أكثرها القتل، الذى فيه هلاك ذلك، فزجر عنه بالقصاص ليرتدع عن مثل فعله من يهم به، فيعود إلى ذلك بعمارة الدنيا وصلاح العالم، الموصل إلى إقامة العبادات الموصله إلى نعيم الآخره” وإن جريمة الزنا لا يقوم عليها المؤمن إلا في حالة ضعف شديد في الإيمان كما قال النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم” لا يزنى الزانى وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشرب وهو مؤمن”

 

وقال النووي رحمه الله، هذا الحديث مما اختلف العلماء في معناه، فالقول الصحيح الذي قاله المحققون أن معناه لا يفعل هذه المعاصي، وهو كامل الإيمان، وهذا من الألفاظ التي تطلق على نفيِ الشيء، ويراد نفي كماله، وإن المقصود الأصلي من تحريم الزنا هو المحافظة على النسل، وإن المقصود الأساس من تحريم الزنا هو المحافظة على النسل، والذي يعتبر من المصالح الضرورية التي لم تفرط فيها شريعة من الشرائع، وأما تحريم القذف وما يترتب على فعله من حد فهو من باب حماية الأعراض، وحرصا من الشارع الحكيم على عدم إشاعة الفاحشة على ألسنة الناس، ولا خلاف بين العلماء في تحريم الزنا، وأنه من الكبائر، وحرمته ثابتة بالكتاب والسنة والإجماع.

 

لأن المزاحة على الأبضاع تفضي إلى اختلاط الأنساب، المفضي إلى انقطاع التعهد من الآباء، المفضي إلى انقطاع النسل، وارتفاع النوع الإنساني من الوجود، وقد جعل الشارع الحكيم لكل جريمة خطيرة عقوبتين، عقوبة دنيوية، وعقوبة أخروية، وأما عن عقوبة الزنا في الدنيا، فإنه مما جاء في عقوبة الزنا في الدنيا هو حد الزنا، والحد فى اللغة هو المنع، وسميت عقوبات المعاصي حدودا لأنها تمنع العاصي من العود إلى تلك المعصية التي حُد لأجلها في الغالب، وعُرف الحد اصطلاحا بأنه عقوبة مقدرة لأجل حق الله تعالى، فيخرج التعزير لعدم تقديره، والقصاص لأنه حق الآدمى، وحكمة الحدود هو زجر النفوس، وصيانة الأرواح، والأعراض، والأموال، والعقول.

 

وأما عن عقوبة الزنا في الدنيا، فهى إما أن تكون رجما بالحجارة، أو جلدا بالسوط، لأن الزاني إما أن يكون ثيب محصن، أو بكر غير مُحصن، وذلك لقول الله سبحانه وتعالى كما جاء فى سورة النور ” الزانية والزانى فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلده ولا تأخذكم بهما رأفة فى دين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين ” وأيضا قول النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ” خذوا عنى، خذوا عنى، قد جعل الله لهن سبيلا البكر بالبكر جلد مائة، ونفى سنه، والثيب بالثيب، جلد مائة والرجم ” ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ” واغد يا أنيس، على امرأة هذا، فإن اعترفت فارجمها، فغدا عليها فاعترفت فرجمها ”

 

وقد أوجب الله تعالى العقوبةَ على الزناة من غير أن تأخذ ولاة الأمر رأفة في دين الله، وهو حد الزنا بأن يرجم الزاني المحصن بالحجارة حتى يموت، وغير المحصن يجلد مائة جلدة، ويغرّب عاما عند الجمهور، وأما عن حكمة التفريق بين عقوبة البكر و الثيب، فقد قال ابن القيم رحمه الله، في حكمة التفريق بين عقوبة البكر والثيب هو أن للزانى حالتين، إحداهما أن يكون محصن قد تزوج، فعلم ما يقع به من العفاف عن الفروج المحرمه، واستغنى به عنها، واحرز نفسه عن التعرض لحد الزنا، فزال عذره من جميع الوجوه فى تخطى ذلك إلى مواقعة الحرام، والثانيه هو أن يكون بكرا لم يعلم ما علمه المحصن ولا عمل ما عمله فحصل له من العذر بعض ما أوجب له التخفيف فحقن دمه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى