مقال

نفحات إيمانية ومع النبى القدوة والإنسان ” جزء 4″

نفحات إيمانية ومع النبى القدوة والإنسان ” جزء 4″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الرابع مع النبى القدوة والإنسان، وفى رواية أخرى يقول الرسول صلى الله عليه وسلم ” إنما مثلي ومثل الناس كمثل رجل استوقد نارا فلما أضاءت ما حوله جعل الفراش وهذه الدواب التي تقع في النار يقعن فيها فجعل الرجل ينزعهن ويغلبنه يتقحمن فيها وأنا آخذ بحجزكم عن النار وهم يقتحمون فيها” رواه البخارى، فشبه رسول الله صلى الله عليه وسلم تساقط العصاة في نار الآخرة بجهلهم عاقبة الشهوات بتهافت الفراش في نار الدنيا بسبب جهلها وعدم تمييزها لما تقصد إليه، فهي تعتقد نفع النار وهي سبب هلاكها، فكذلك أهل الشهوات في شهواتهم الغالبة، يعتقدون أنها نافعة وهي مضرة، والعاقل منهم الذي تحقق له أنها مضرة، لكن كان أسيرا للشهوات.

 

فإنه لا ينفعه علمه بالضرر الذي فيها، عن أن يسلك طريق النار فيقتحم فيها اقتحام الفراشة في النار مع علمه بأن فيها هلاكه، فهذا الحديث من أجل ما يبين رحمة النبي صلى الله عليه وسلم لهذه الأمة، وكيف أنه يحرص أشد الحرص على إنجاء الناس من النار، وإنما يهلك من هلك رغما عنه صلى الله عليه وسلم، فإذا آمن المسلم بالنبي صلى الله عليه وسلم، وجب عليه أن يطيعه، وطاعة النبي صلى الله عليه وسلم، من طاعة الله، كما قال عزوجل “من يطع الرسول فقد أطاع الله ومن تولى فما أرسلناك عليهم حفيظا” وقد بلغ حبه لهم وشفقته عليهم أنه يرق لحالهم فيحزن قلبه وتدمع عينه وتتفطر نفسه، ففي رواية ابن عمر رضي الله عنهما قال.

 

اشتكى سعد بن عبادة شكوى له فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم يعوده مع عبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص وعبد الله بن مسعود، فلما دخل عليه فوجده في غاشية أهله قال، قد قضى، أي مات؟ قالوا، لا يا رسول الله، فبكى النبي صلى الله عليه وسلم ولما رأى القوم بكاء النبي بكوا، فقال ألا تسمعون؟ إن الله لا يعذب بدمع العين، ولا بحزن القلب، ولكن يعذب بهذا وأشار بيده إلى لسانه” وكان صلى الله عليه وسلم، يعلم الجاهل منهم ويرشده بحب ويهديه بلطف ويلتمس له العذر، وكان أبعد ما يكون عن الأخذ بالعقوبة، فعن معاوية بن الحكم السلمي، رضي الله عنه، قال بينما أنا أصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ عطس رجل فقلت يرحمك الله.

 

فرماني القوم بأبصارهم فقلت، وا ثكل أماه ما شأنكم تنظرون إليّ؟ فجعلوا يضربون على أفخاذهم فلما رأيتهم يصمتونني لكني سكت فما لامني صلى الله عليه وسلم، بأبي أنت وأمي يا رسول الله ما رأيت معلما قبله ولا بعده أحسن تعليما منه، فوالله ما كهرني، أي انتهرني، ولا ضربني، ولا شتمني، قال صلى الله عليه وسلم “إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس إنما هي التسبيح والتكبير، وقراءة القرآن” وإن رحمة الله تعالى بالخلق ظهرت رحمة في قلب النبي صلى الله عليه وسلم، للخلق، لذلك قال العلماء، إن أرحم الخلق بالخلق هو النبي صلى الله عليه وسلم، فهو أرحم بنا من أنفسنا، ولكن رحمة النبي صلى الله عليه وسلم.

 

ليست رحمة الضعفاء البائسين فقط ولكنها رحمة الأقوياء الباذلين أيضا، ويقول الله عز وجل فى الحديث القدسى إذا أردتم رحمتي فارحموا خلقي، وهو الشيء الذي يتميز به المؤمن تميزا صارخا الرحمة في قلبه، وهى الرحمة التي اشتقها من الله عز وجل من خلال اتصاله به، وإن علامة إيمانك أن ترحم الخلق، وإن علامة إسلامك أن تكون وقافا عند حدود الله تعالى، لإن الفرق كبير بين المؤمن وغير المؤمن، فإن المؤمن يرحم والكافر يقتل، ويتلذذ إذا رأى مصائب الآخرين، ويتلذذ بقتلهم وإفقارهم وإذلالهم بينما المؤمن يتقطع قلبه رحمة بالخلق، لذلك فإن كان لك اتصال بالله تعالى ففي قلبك رحمة، وإن كان هناك انقطاع عن الله فالقلب قاسى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى