مقال

نفحات إيمانية ومع الرسول الكريم فى ذكري مولدة ” جزء 4″ 

نفحات إيمانية ومع الرسول الكريم فى ذكري مولدة ” جزء 4″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الرابع مع الرسول الكريم فى ذكري مولدة، فلقد رحم رسول الله صلى الله عليه وسلم الحيوان الأعجم من أن يُجوّع أو يُحمّل فوق طاقته، فقال في رحمة بالغة حين مرّ على بعير قد لحقه الهزال “اتقوا الله في هذه البهائم المُعجمة، ‏فاركبوها صالحة، وكلوها صالحة” رواه أبو داود، بل هو يرحم الحيوان حتى في حالة ذبحه، فإن كان لا بد أن يذبح، فلتكن عملية الذبح هذه رحيمة، فيقول “إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح، وليُحد أحدكم شفرته، وليرح ذبيحته” رواه مسلم، بل إنه صلى الله عليه وسلم يتجاوز البهائم إلى الطيور الصغيرة التي لا ينتفع بها الإنسان كنفعه بالبهائم، وانظر إلى رحمته بعصفور.

 

فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم “مَن قتل عصفورا عبثا، عجّ إلى الله عز وجل يوم القيامة منه يقول يا رب، إن فلانا قتلني عبثا، ولم يقتلني لمنفعة” رواه النسائي، وأحمد، وابن حبان، فإن دعوة الإسلام للرفق والرحمة بالحيوان، هي من باب أَولى دعوة لاحترام الإنسان والرحمة به، فإذا كان الإسلام رحيما بالكائن الذي لا ينطق ولا يعقل، ولا يمتلك أحاسيس الإنسان ومشاعره، ولا كرامته وموقعه، فما بالك بأكرم الخلق وأفضل الكائنات؟ وكل ذلك يؤكد عظمة هذا الدين، وأنه دين يُعنى بكل الجوانب الإنسانية لأن في ذلك سعادة الإنسان وأمنه، ولكن ماذا يحدث فى هذه الأيام من أفعال وأقول وسخريه وإستهزاء فهو لا يرضى الله تعالى ولا رسوله المصطفى صلى الله عليه وسلم.

 

ولكن قد نهى النبى صلى الله عليه وسلم، عن الانتقام ممن أساء إليه، وعفى عنهم وصفح، ورحم وتجاوز، فأفيقوا أيها الناس، أيها البشر، في كل بقعة من بقاع العالم، فقد جاءكم النذير عن صدق محمد صلى الله عليه وسلم، فهو السراج المنير، صلى الله عليه وسلم، فما عليكم إلا أن تقرءوا سيرته العطرة، لتعرفوا حقيقته البيضاء الناصعة، فهو أرحم بالناس من أنفسهم، فكم كانت رحمة النبي صلى الله عليه وسلم بالكفار، وتأسيه لموت إنسان وهو على الكفر، بل كان يدعوهم إلى الإسلام، حتى وهم على فرش الموت، لعله ينقذهم من النار، فعن أنس بن مالك رضى الله عنه قال ” كان غلام يهودى يخدم النبى صلى الله عليه وسلم، فمرض، فآتاه النبى صلى الله عليه وسلم.

 

يعوده، فقعد عن رأسه فقال له ” أسلم، فنظر الغلام إلى أبيه وهو عنده، فقال له، أطع أبا القاسم صلى الله عليه وسلم، فأسلم، فخرج النبى صلى الله عليه وسلم، وهو يقول ” الحمد لله الذى أنقذه من النار” رواه البخارى، وعندما أحاط بهم يوم فتح مكة العظيم، وتمكن صلى الله عليه وسلم، من رقابهم قال لهم ” ما ترون أنى صانع بكم ؟ قالوا خيرا، أخ كريم، وإبن أخ كريم، فقال صلى الله عليه وسلم ” أذهبوا فأنتم الطلقاء ” فأى رحمة هذه، وأي شفقة تلك، مقابلة للإساءة بالإحسان، ومقابلة الظلم بالغفران، ولقد مُلأ قلبه صلى الله عليه وسلم عفوا عظيما، وإحسانا كبيرا، حتى عفا عمن كذبوه واتهموه، وتجاوز عمن طردوه وأدموه.

 

وصدق الله العظيم الذى قال فى كتابه العزيز “وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين” فويل للكفارين الضالين المكذبين بيوم الدين من مشهد يوم عظيم، يوم يقوم الناس لرب العالمين، يوم تزل القدم، ولا ينفع الندم، إن لم يعودوا إلى رشدهم، ويؤمنوا بربهم، ويصدقوا نبيهم محمد صلى الله عليه وسلم، فعن أبى هريره رضى الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم” والذى نفس محمد بيده، لا يسمع بى أحد من هذه الأمه، يهودى ولا نصرانى، ثم يموت ولم يؤمن بالذى أرسلت به، إلا كان من أصحاب النار” رواه مسلم، ولقد ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم، أروع المثل في العفو والتصافح ، والتجاوز والتسامح ، والإعراض عن الجاهلين، والإحسان إلى الغافلين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى