غير مصنف

نفحات إيمانية ومع الإسلام والتربية “جزء 8” 

نفحات إيمانية ومع الإسلام والتربية “جزء 8”

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الثامن مع الإسلام والتربية، ثم للأبوين، ثم للإِخوان والجيران والأرحام والمسلمين عموما، رُبوا على مكارم الأخلاق وفضائل الأعمال، فصاروا عونا للأبوين على كل ما أهمهم من أمر دينهم ودنياهم، ولعظيم هذا الشأن نرى أنبياء الله وخيرته من خلقه يسألون الله لذريتهم الصلاح والهداية، فقال تعالى عن الخليل عليه السلام وهو يدعو ربه بتلكم الدعوات ” رب اجعلنى مقيم الصلاة ومن ذريتى” أى اجعل من ذريتى من يصلى ويزكي، وها هو زكريا عليه السلام ينادى ربه قائلا ” رب هب لى من لدنك ذرية طيبة إنك سميع الدعاء” وها هم المؤمنون كما أخبر الله عنهم أنهم يقولون في دعائهم ” ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما”

 

وها هو الرجل الصالح الذي أنعم الله عليه بنعمه، يتذكر نعم الله عليه، ويقول شاكرا لنعم الله، شاكرا لآلائه وإفضاله ” رب أوزعنى أن اشكر نعمتك التى أنعمت على وعلى والدى وأن أعمل صالحا ترضاه وأصلح لى فى ذريتى إنى تبت إليك وإنى من المسلمين” فإن كل هذه النصوص القرآنية والنبوية وغيرها، تلقى بالتبعة والمسؤولية التربوية في أصلها على كاهل الوالدين، على الأسرة المسلمة، وتحملهم هذه العبء الثقيل، ورحم الله أياما كان الناس فيها يقدرون هذه الرسالة، فيذهبون بأولادهم إلى المربين والمعلمين ليهذبوا أخلاقهم، ويرشدوا عقولهم، ويشحذوا هممهم، ولقد كان قول عتبة بن أبى سفيان لمؤدب ولده “ليكن أول إصلاحك لولدى إصلاح نفسك.

 

فإن عيونهم معقودة بعينك، فالحسن عندهم ما استحسنته، والقبيح ما استقبحته، علمهم كتاب الله، وروهم من الحديث أشرفه، ومن الشعر أعفه، ولا تكرههم على علم فيملوه، ولا تدعهم فيهجروه، ولا تخرجهم من علم إلى علم حتى يُحكموه، فازدحام العلم في السمع مضلة للفهم، وعلمهم سير الحكماء وهددهم وأدبهم دونى، ولا تتكل على كفاية منك، واستزدني بتأثيرك، أزدك إن شاء الله تعالى” وقيل أن الأحمر النحوى قال “بعث إليّ الرشيد، لتأديب ولده محمد الأمين، فلما دخلت قال يا أحمر، إن أمير المؤمنين قد دفع إليك مهجة نفسه، وثمرة قلبه، فصيّر يدك عليه مبسوطة، وطاعتك عليه واجبة، فكن له بحيث وضعك أمير المؤمنين، أقرئه القرآن، وعرّفه الآثار، وروّه الأشعار.

 

وعلمه السنن، وبصّره مواقع الكلام وبدأه، وامنعه الضحك إلا في أوقاته، وخذه بتعظيم مشايخ بني هاشم إذا دخلوا إليه، ورفع مجالس القوّاد إذا حضروا مجلسه، ولا تمرن بك ساعة إلا وأنت مغتنم فيها فائدة تفيده إياها، من غير أن تخرق به فتميت ذهنه، ولا تمعن في مسامحته فيستحلي الفراغ ويألفه، وقوّمه ما استطعت بالقرب والملاينة، فإن أباهما، فعليك بالشدة والغلظة” وقال العلامة ابن القَيم رحمه الله “فمن أهمل تعليم ولده ما ينفعه، وتركه سُدى، فقد أساء إليه غايةَ الإساءة، وأكثر الأولاد إنما جاء فسادهم من قِبل الآباء، وإهمالهم لهم، وترك تعليمهم فرائض الدين وسننه، فأضاعوهم صغارا، فلم ينتفعوا بأنفسهم ولم ينفعوا آباءهم كبارا”

 

فإن قراءة كتاب في فقه التربية الإسلامية للأولاد ووضعه في مكتبة البيت، لن يكلفنا كثيرا من أموالنا وأوقاتنا، واستماع عدة محاضرات في فقه التربية لن يأخذ منا الكثير من أوقاتنا أيضا، في سبيل الوصول إلى فقه تربوي صحيح، وإن مطالعة القرآن وآياته الكريمة، ومطالعة السنة النبوية، وقَصص التربية، زاد كبير، ورصيد شرعى عظيم لمن أراد التوفيق والهداية، فلقد كان الناس وما زالوا يستبشرون ويتفاخرون بكثرة الأبناء ويراودهم حلم بأن يرزقهم الله ذرية طيبة حسني الخلق والخلقة، يتحلون بعقيدة سليمة صلبة وعبادة خاشعة وخلق أصيل وبعقول متفتحة واعية ونفسيات مستقرة وأجسام قوية ومعرفة بواقع الحياة وظروف العصر وبنفس تفيض خيرا وطهرا وعطاء فهل يحقق الأبناء ذلك ؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى