مقال

نفحات إيمانية ومع الصبر وإنتظار الفرج “جزء6”

نفحات إيمانية ومع الصبر وإنتظار الفرج “جزء6”

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء السادس مع الصبر وإنتظار الفرج، وإن الاستقامة والصبر أفضل طريق لخروج المسلمين من مشكلاتهم في العالم، ويجب أن نعلم أن مطالبة الأمور الدنيوية ومطالبة الحقوق القانونية والعرفية ليست مغايرة للصبر، بل هي من الصبر، وهكذا فإن العبد في هذه الحياة لا يخلو من حالين، إما حصول محبوب أو وقوع مكروه، فالمؤمن الصادق يقابل المحبوب بالشكر، والمكروه بالصبر، ومهما عظمت مصيبتك، وكبر همك، وازداد غمك، فاعلم أن مع العسر يسرا، ومع الكرب فرجا، يخرج صلى الله عليه وسلم من مكة بعد أن أخرجه قومه منها وحاولوا قتله يخرج متخفيا مع صاحبه والقوم يشتدون في طلبه وتتجمع العرب قاطبة على النبي صلى الله عليه وسلم وصحبه في المدينة.

 

تستهدف استئصالهم والقضاء عليهم، وينقض اليهود من داخل المدينة عهدهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ويشتد الأمر والكرب لكنه الإيمان الراسخ كالجبال الشم الراسيات بأن مع العسر يسرا، وأن مع الخوف أمنا، وبعد الذل غلبة ونصرا هكذا هو حال المؤمن الموحد الذي يثق بأنه لا مدبر لهذا الكون سوى الواحد الأحد الذي لا تخفى عليه خافية، غسبحانه وتعالى القائل ” الذى يراك حين تقوم وتقلبك فى الساجدين” فهو سبحانه يبتلي عباده بالسراء والضراء، والنعمة والبأساء، والصحة والمرض، والغنى والفقر فيقول تعالى ” ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون” فيا من شكا الخطوب، وعاش وهو منكوب، ودمعه من الحزن مسكوب، يامن داهمته الأحزان، وبات وهو سهران.

 

وأصبح وهو حيران، يامن هده الهم وأضناه، وأقلقه الكرب وأشقاه، وزلزله الخطب وأبكاه، أنسيت أمن يجيب المضطر إذا دعاه، للمرض شفاء، وللعلة دواء، وللظمأ ماء، وللشدة رخاء، وبعد الضراء سراء، وبعد الظلام ضياء، فلقد كان بلال بن رباح رضى الله عنه يسحب على الرمضاء، ثم رفع لرفع النداء، وكان نبى الله يوسف عليه السلام مسجونا في الدهليز، ثم حكم مصر بعد العزيز، فعسى أن تكون الشدة أرفق بك، والمصيبة خيرا لك، فإذا ضاقت بك السبل، وانقطعت بك الحيل، فالجأ إلى الله عز وجل، واعلم أن الشدائد ليست مستديمة، ولا تبقى برحالك مقيمة، والدنيا أحوال، وألوان وأشكال، ولن تدوم عليك الأهوال، فسوف تفتح الأقفال، وتوضع الأغلال.

 

والشدائد تفتح الأسماع والأبصار، وتشحذ الأفكار، وتجلب الاعتبار، وتعلم التحمل والاصطبار، تذيب الخطايا، وتعظم بها العطايا، وهي للأجر مطايا، فإن بعد الجوع شبع، وبعد الظمأ ري، وبعد السهر نوم، وبعد المرض عافية، سوف يصل الغائب ويهتدي الضال، ويفك العاني، وينقشع الظلام، فسبحان القائل العظيم ” فعسى الله أن يأتى بالفتح أو أمر من عنده” ويقول تعالى ” سيجعل الله بعد عسر يسرا” وقال ابن رجب ومن لطائف أسرار اقتران الفرج بالكرب، واليسر بالعسر، أن الكرب إذا اشتد وعظم وتناهى، وحصل للعبد اليأس من كشفه من جهة المخلوقين، تعلق قلبه بالله وحده، وهذا هو حقيقة التوكل على الله، وهو من أكبر الأسباب التي تطلب بها الحوائج.

 

فإن الله تعالى يكفي من توكل عليه، كما قال تعالى ” ومن يتوكل على الله فهو حسبه” وقال الفضيل رحمه الله، والله لو يئست من الخلق، حتى لا تريد منهم شيئا، لأعطاك مولاك كل ما تريد، واعلم أن الله يبتليك في المنع كما يبتليك في العطاء فقال تعالى ” اتبلون فى أموالكم وأنفسكم” فإن الابتلاء مورد من موارد الصبر، وهو فريضة الوقت في المصيبة فتذكرأن الصبر على أقدار الله، أحد أصول الإيمان فقال صلى الله عليه وسلم “واعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطأك لم يكن ليصيبك” رواه أبو داود، وقال صلى الله عليه وسلم “واعلم أن النصر مع الصبر وأن الفرج مع الكرب وأن مع العسر يسرا” رواه أحمد والبيهقي، والصبر من جميل الخلال، ومحمود الخصال فلا تتسخط على أقدار الله.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى