مقال

نفحات إيمانية ومع اللبنة الأولى فى بناء المجتمع ” جزء 10″

نفحات إيمانية ومع اللبنة الأولى فى بناء المجتمع ” جزء 10″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء العاشر مع اللبنة الأولى فى بناء المجتمع، وإن الإسلام رعى الأسرة واهتم بها، فوضع لها الأهداف التي تمكنها من ممارسة وظيفتها في ظل المودة والقيم الخُلقية الإسلامية، ولا يمكن تحقيق أهدافها إلا إذا التزمت بمنهج الإسلام ونظامه الاجتماعي، فإذا قصرت أهدافها تكون قد خالفت هذا المنهج، وبذلك التقصير تضر بالمجتمع كله، ويعتبر تكوين الأسرة سبيلا لتحقيق أهداف تشمل كل مناحي الحياة في المجتمع الإسلامي، وتكون الأسرة اللبنة الأولى في صلاح المجتمع، وتقدم خلاصتها البيئية والاجتماعية والعلمية ضمن إطار السلوك الذي تقوم به الأفراد، فتعمل القيم والأخلاق والتحصيلات العلمية والفكرية في رفع مستوى كفاءة المجتمع وملاءمته للتطور.

ومواكبة النهضة العالمية على المستويات كافّة، فعلى الصعيد الصحي تساعد الأسرة الناجحة على الحد من انتشار الأمراض النفسية وما تسببه من أمراض جسدية مختلفة، كما تسهم في الحد من الأفكار السلبية لدى الناشئة التي يسببها فشل زواج ذويهم أو أهلهم، مما يؤدي إلى تناقص نسبة العلاقات الشرعية وزيادة العلاقات غير الشرعية، وتفشي الأمراض والفساد في المجتمع، ومن جهة أخرى تؤمن التربية السليمة للأطفال سلسلة طويلة من التربية التي لا يمكن للمجتمع أن ينهض دونها، فالجيل الذي يحمل القيم الأخلاقية العالية لا بد أن يربي أطفاله فيما بعد على القيم الأخلاقية المناسبة، بينما انحدار التربية في جيل من الأجيال سيؤدي إلى تدهور في مستوى التربية العام.

مما يجعل العلاقات الاجتماعية أكثر أنانية، وينزع التراحم بين الأفراد، ويساعد على سلب الحقوق وظلم الآخرين، كما تقدم الأسرة الناجحة بمستواها العلمي والفكري مساحة واسعة للتقدم الفكري للمجتمع من خلال حرية التعبير والرأي، والتي من خلالها يتم تفعيل دور الفرد في النهضة الفكرية وإقامة المؤتمرات والندوات الثقافية، ومما لا شك فيه أن المجتمع الذي يهتم بالعلم والتعليم ورفع المستوى الفكري لا يكون بعيدا عن الصواب أو بناء المجد، لأن العلم أساس الأمجاد والحضارات، ومن ذلك كله يتبين أن الأسرة قد تهمل رعاية بعض أفرادها مما يؤدي إلى اضطراب في الحركة المجتمعية السليمة، وهنا يتجلى دور الوعي في الحفاظ على الرعاية الأسرية.

وتمتين الصلات والروابط للأفراد فيما بينهم ليكونوا قادرين على صنع المادة الخام لبناء المجتمعات، ويدركوا أهمية هذه اللبنة الصغيرة، وأهمية كل فرد من أفرادها مهما كان عمره أو ميوله، ومهما كانت مستوى طاقاته وقدراته، ومما يؤكد هذه الأهميّة أن معظم الدول التي تسعى إلى دمار الدول الضعيفة تبدأ من تهديم الأسرة فكريا ونفسيا واقتصاديا وسياسيا، لأن تهديم الأسرة يعني تهديم المجتمع بأكمله بلا شك، وإن الإسلام شرع النفقات، وحدد على من تجب عليهم، وألزمهم بها تقربا إلى الله تعالى، فإذ لم يستجيبوا تكون قضاء عليهم، والقضاء لا فكاك من أحكامه، وعن المقدام بن معدي كرب الزبيدي رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال.

“ما كسب الرجل كسبا أطيب من عمل يده، وما أنفق الرجل على نفسه وأهله وولده وخادمه، فهو صدقة” رواه ابن ماجه، وعن أبي مسعود رضى الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال “إذا أنفق الرجل على أهله يحتسبها، فهو له صدقة” رواه البخاري، وعن ثوبان رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال “أفضل الدينار دينار ينفقه الرجل على عياله، ودينار ينفقه الرجل على دابته في سبيل الله، ودينار ينفقه الرجل على أصحابه في سبيل الله” قال أبو قلابة بدأ بالعيال، ثم قال فأي رجل أعظم أجرا من رجل ينفق على عيال له صغار، يعفهم الله به، ويغنيهم الله به، ويتحقق المفهوم إذا احتسب كل من الرجل والمرأة الأجر والثواب من عند الله، وإن أهم هدف من تكوين الأسرة هو إقامة حدود الله أي تحقيق شرع الله، ومرضاته في كل شؤونهما وعلاقتهما الزوجية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى